قوله : ( {[3395]} ) ( مَا نَنسَخْ مِنَ آيَةٍ ) [ 105 ] .
أي : من حكم آية ، قرأ( {[3396]} ) ابن عامر : ما نُنسِخْ –بضم النون الأولى وكسر السين( {[3397]} ) ، بمعنى : " ننسخك " .
قال أبو( {[3398]} ) غانم( {[3399]} ) : " يقال : نسخته وأنسخته مثل قبرته وأقبرته ، [ فقبرته دفنته ، وأقبرته جعلت له ]( {[3400]} ) قبراً " .
قوله : ( اَوْ نُنسِهَا ) [ 105 ] .
من ضم/ النون الأولى وَكَسَر( {[3401]} ) السين( {[3402]} ) ، فمعناه : نتركها لا نبدلها . وهو مروي عن ابن عباس على معنى : نأمرك بتركها( {[3403]} ) .
ويلزم على هذا المعنى فتح النون ليصح معنى الترك إذ هو غير معروف في اللغة : أَنْسَيْتُ الشيء تركته ، إنما يقال : " نسيت " ، كما( {[3404]} ) قال( {[3405]} ) ( نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمُ )( {[3406]} ) ، أي : تركوه فتركهم( {[3407]} ) . / وهذا إنما يصح على قراءة من قرأ " نَنْسِهَا " بالفتح .
والصواب في معنى : " نُنْسِها " بضم النون أن يكون من النسيان( {[3408]} ) على معنى : " ننسكها( {[3409]} ) يا محمد فتذهب من حفظك( {[3410]} ) " ( {[3411]} ) .
وعن ابن عباس أن في الآية : [ تقديماً وتأخيراً ]( {[3412]} ) ، والتقدير : ما نبدل من حكم آية نأت بخير منها أي بأنفع منها لكم أو مثلها( {[3413]} ) .
ثم قال : ( اَوْ نُنْسِهَا ) أي نؤخرها فلا ننسخها( {[3414]} ) ولا نبدلها( {[3415]} ) .
وقيل : معناه( {[3416]} ) : نأمرك بتركها كأنه : " أو ننسكها " ، أي : نجعلك( {[3417]} ) تتركها( {[3418]} ) .
وقيل : معناه : ننسكها من النسيان أي : نزيل ذكرها من قلبك( {[3419]} ) فلا تذكرها( {[3420]} ) .
والفرق بين إباحة الله تعالى( {[3421]} ) لنبيه صلى الله عليه وسلم النسخ ، وبين إباحته( {[3422]} ) الترك ، أن النسخ أن تنسخ آية/ بآية أخرى كنسخ قوله : ( فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ )( {[3423]} ) لقوله : ( وَعَلَى الذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةُ طَعَامٍ مَسَاكِينَ )( {[3424]} ) . والترك هو ترك الآية( {[3425]} ) من غير آية تنسخها كإباحة الله/ للمؤمنين ترك( {[3426]} ) امتحان من أتاهم بعد أن قال : ( فَامْتَحِنُوهُنَّ )( {[3427]} )( {[3428]} ) .
فأما قراءة من قرأ " نَنْسَأَهَا " بالهمز( {[3429]} ) ، فمعناه أو نؤخرها فلا ننزلها( {[3430]} ) البتة( {[3431]} ) .
وقيل : معناه نؤخرها( {[3432]} ) بعد إنزالها وتلاوتها فلا تتلى .
وقيل : معناه نؤخر العمل بها [ وننسخه ويبقى لفظه متلواً غير معمول ]( {[3433]} ) به( {[3434]} ) . ولكل( {[3435]} ) واحد من هذه المعاني أمثلة( {[3436]} ) في كتاب الله عز وجل قد بيناها في كتاب : " الإيضاح لناسخ القرآن( {[3437]} ) ومنسوخه " ( {[3438]} ) .
فالنسخ يكون فيما نزل ، والنَّسْءُ فيما لم ينزل فيخر . يقال : " نسَّأَ( {[3439]} ) الله في أجلك وأَنسأَ( {[3440]} ) " أي : أخر فيه .
وقيل : معنى هذا القول : ما ننسخ من آية من اللوح المحفوظ فننزلها على محمد صلى الله عليه وسلم " أو ننسأها( {[3441]} ) " أي نؤخرها في اللوح فلا ننزلها ، فالمنسوخ جميع القرآن ، والمنسوء ما أخر ، فلم( {[3442]} ) ينزل هذا على هذا التأويل( {[3443]} ) .
وفيها قول ثان : وهو أن يكون معناه : ( مَا نَنْسَخْ مِنَ آيَةٍ ) أي : نرفعها ، " أو( {[3444]} ) ننسأها " : أي نؤخرها فلا نرفعها( {[3445]} ) .
وفيها قول ثالث( {[3446]} ) : وهو أن يكون " ننسأها " [ معناه نؤخرها عن ]( {[3447]} ) التلاوة ويبقى الحكم بها نحو آية الرجم .
وفيها قول رابع : وهو أن يكون " ننسأها " معناه نؤخره( {[3448]} ) إلى وقت ما ، نحو ما روي في قوله ، ( عَلَيْكُمُ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمُ )( {[3449]} ) .
وقرأ الضحاك بن مزاحم " أو تُنْسَها " –بالتاء مضمومة وفتح السين- على ما لم يُسَمَّ فاعله( {[3450]} ) ، أي : " ينسكها الله أو الشيطان " بدلالة قوله : ( وَإِمَّا يُنسينَّكَ الشَّيْطَانُ )( {[3451]} ) .
/وقوله : ( نَاتِ بِخَيْر مِّنْهَا ) [ 105 ] .
معناه( {[3452]} ) عند أبي( {[3453]} ) إسحاق وقطرب : / " نأت منها بخير " وهو غلط عند النحويين . لأن من حقها أن تكون بعد " أفعل " ( {[3454]} ) لا قبله " وخير " أفعل فإن جعلت " خيرا " ( {[3455]} ) فعلاً الذي هو ضد الشر ، ولم تجعله( {[3456]} ) أفعل ، جاز ذلك .
وقيل : المعنى : نأت بخير منها لكم ، إما في تخفيف وإما في زيادة أجر في الآخرة( {[3457]} ) .
وقيل : معنى ( نَاتِ بِخَيْر مِّنْهَا ) أي : بأنفع لكم منها في زيادة الأجر إذا صح من الأصل إذا [ عملتم بها ]( {[3458]} ) .
وقوله : ( أَوْ مِثْلِهَا ) [ 105 ] .
أي : مثلها في الآخرة ، لكنها أحب إليكم من المنسوخة نحو نسخ القبلة إلى بيت المقدس ، نسخت بالتوجيه إلى الكعبة فهي مثلها ، وهو أحب إليهم من بيت المقدس فلذلك قال : ( فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا )( {[3459]} ) . فنسخت القبلة بمثلها ، والناسحة أحب إليهم من المنسوخة .
وقيل : المعنى نأت بأنفع لكم منها في الوقت الثاني ، وأصلح لِحَالِكُم في النفع وصلاح الحال .
وقال السدي وغيره : " ( نَاتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا ) أي : من التي نسخنا( {[3460]} ) ، ( أَوْ مِثْلِهَا ) : أي : مثل التي تركنا فلم ننزلها( {[3461]} ) " ( {[3462]} ) .
وقيل : بخير من هذه أو هذه( {[3463]} ) .
ولا يجوز لذي( {[3464]} ) علم ودين أن يتأول بهذا النص تفضيل بعض القرآن على بعض لأن القرآن كلام الله( {[3465]} ) جعل ذكره/ ليس بمخلوق وإنما يقع التفضيل بين المخلوقات فاعلمه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.