قوله : ( وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ المَحِيضِ )( {[7098]} ) [ 220 ] .
كان أصحاب النبي [ عليه السلام ]( {[7099]} ) في بدء الإسلام لا يساكنون النساء في المحيض ولا يواكلونهن( {[7100]} ) ، فسألوا النبي [ عليه السلام ]( {[7101]} ) عن ذلك ، فعرفهم الله تعالى في الآية أن [ الذي يجتنب ]( {[7102]} ) من الحائض هو جماعها حتى تطهر( {[7103]} ) ، وأن ما سواء ذلك حلال( {[7104]} ) .
ثم قال : ( فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَاتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ ) [ 220 ] .
أي : ( {[7105]} ) في الفرج خاصة . فهذا يدل على منع إتيانهن في الأدبار .
وقيل : معنى ( مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ ) طهراً غير حيض .
ومعنى : ( قُلْ هُوَ أَذًى ) [ 220 ] .
قال السدي : " قل( {[7106]} ) يا محمد : قل( {[7107]} ) هو قذر( {[7108]} )/ " ( {[7109]} ) ، وكذلك قال( {[7110]} ) قتادة( {[7111]} ) .
وقال مجاهد : " ( قُلْ هُوَ أَذًى ) قل هو دم " ( {[7112]} ) .
والآية ناسخة لما كان عليه بنو إسرائيل من شريعتهم لأنهم كانوا لا يجتمعون مع الحائض في بيت ولا يواكلونها ، فنسخت الآية ذلك . فقالت اليهود عند نزولها : " ما يدع محمد شيئاً من أمرنا إلا خالفنا فيه " ( {[7113]} ) .
فللرجل أن يستمتع [ من الحائض ]( {[7114]} ) بما دون الفرج غير الدبر . وهو قول عائشة وأم سلمة وابن عباس والحسن وعطاء والشعبي والنخعي والثوري وغيرهم( {[7115]} ) . وهو قول الشافعي الصحيح( {[7116]} ) .
ويروى( {[7117]} ) عن ميمونة( {[7118]} ) وسعيد بن المسيب أنها تعتزل فيما بين السرة والركبة ، ويستمتع بها فيما دون ذلك( {[7119]} ) ، وهو قول مالك( {[7120]} ) وأبي حنيفة( {[7121]} ) .
وقال عكرمة الشعبي : " لا بأس بإتيانها دون الفرج " ( {[7122]} ) [ يريدان الفخذ ]( {[7123]} ) .
وقال الثوري : " لا بأس أن يباشرها( {[7124]} ) إذا اتقى موضع الدم " ( {[7125]} ) .
فإن أتاها وهي حائض ؛ فقال ابن عباس : " يتصدق بدينار أو( {[7126]} ) بنصف " ( {[7127]} ) .
وقيل : إن كان في فور الدم وقوته يتصدَّق بدينار ، وإن كان في آخره وضعفه تصدق بنصف( {[7128]} ) . قاله النخعي وغيره( {[7129]} ) .
وقال الأوزاعي : " إن كان وطئها في الدم تصدق بدينار ، وإن وطئها بعد انقطاع الدم وقبل( {[7130]} ) الطهر بالماء ، تصدق بنصف دينار " ( {[7131]} ) .
وقال سعيد بن جبير : " عليه عتق رقبة " .
وقال الحسن : " عليه مثل الذي على من وطئ في رمضان " . وجماعة/الفقهاء التابعين يقولون : لا شيء عليه ويستغفر الله من ذلك ولا يعد ، وقد أخطأ .
قاله مالك والشافعي وأبو حنيفة . وهو قول الشعبي والزهري وربيعة وأبي الزناد والليث بن سعد والثوري( {[7132]} ) .
وقال مالك والشافعي وابن حنبل وغيرهم : " لا يطأها حتى تغتسل بالماء ، فإن فعل قبل ذلك ، وقد انقطع الدم ، لم يكن عليه شيء ، وقد أخطأ ويستغفر الله " ( {[7133]} ) .
وهو قول سالم/بن عبد الله( {[7134]} ) وسليمان بن يسار( {[7135]} ) والزهري وربيعة والثوري( {[7136]} ) .
وقال عطاء وطاوس ومجاهد : " إذا احتاج إلى وطئها قبل أن تغتسل ، أمرها أن تتوضأ ، ثم أصاب منها ما شاء " ( {[7137]} ) .
وهو معنى قراءة من قرأ : " حتى يَطْهُرْنَ " مخففاً( {[7138]} ) ، أي ينقطع عنهن الدم .
وفي مصحف أبي وابن مسعود : " حتى يتطهرن " ( {[7139]} ) بالتاء( {[7140]} ) أي بالماء( {[7141]} ) ( فَإِذَا تَطَهَّرْنَ ) أي اغتسلن . هذا قول الجماعة( {[7142]} ) .
وقال مجاهد وطاوس : " إذا تطهرن للصلاة " ( {[7143]} ) .
فليس يحب للقارئ أن يقف على " يطهرن " في( {[7144]} ) قراءة من خففه لئلا يبيح( {[7145]} ) وطء الحائض إذا انقطع عنها الدم ولم تتطهر( {[7146]} ) بالماء( {[7147]} ) . فأما( {[7148]} ) من قرأه بالتشديد( {[7149]} ) ، فالوقف عليه حسن لأن معناه( {[7150]} ) : " يتطهرن بالماء " وقربها بعد التطهر بالماء إجماع .
قوله : ( مِّن حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ ) أمروا أن يأتوهن من حيث نهوا عنه " ( {[7151]} ) . يعني يأتونهن( {[7152]} ) بعد التطهر في الموضع الذي أمروا أن يعتزلوه في الحيض وهو الفرج .
فهذا نص من الله على إتيان النساء في طهورهن( {[7153]} ) في/الفرج دون غيره .
وقيل : معناه( {[7154]} ) : من قبل طهرهن ، لا من قبل حيضهن( {[7155]} ) .
وقيل : معناه إيتوهن من قبل النكاح الذي أمرتم به ، وحل لكم لا من قبل الزنا الذي نهيتم عنه ، وحرم عليكم( {[7156]} ) .
قوله : ( يُحِبُّ التَّوَّابِينَ ) [ 220 ] .
أي الراجعين/عن الذنوب ، والمتطهرين بالماء للصلاة . وهو/ظاهر( {[7157]} ) اللفظ ، وعليه أكثر أهل التأويل( {[7158]} ) .
وقال مجاهد : " ( وَيُحِبُّ المُتَطَهِّرِينَ ) : أي( {[7159]} ) الذين لا( {[7160]} ) يأتون النساء في أدبارهن " ( {[7161]} ) .
وقيل : معناه : ويحب المتطهرين من الذنوب أن يعودوا( {[7162]} ) بعد التوبة( {[7163]} ) . و( المُتَطَهِّرِينَ ) يعني به النساء والرجال ، غلب المذكر على المؤنث ، ولم يقل المتطهرات ، لأنه يخص النساء خاصة إذ لا يغلب المؤنث على المذكر( {[7164]} ) .
وقيل : عني بالمتطهرين اللواتي يتطهرن من الحيضة بالماء ، وهذا يدل على أن الحائض لا توطأ إلا بعد التطهر بالماء/لأن( {[7165]} ) من وطئها( {[7166]} ) قبل التطهر بالماء ، فقد وطئ من لا يحبه الله ، وذلك ممنوع .
ومن وطئ بعد التطهر بالماء ، فقد وطئ من يحب( {[7167]} ) الله . وذلك حسن لأن الله إنما أحبهن على فعلهن وهو التطهر بالماء ، ولم يحبهن على غير فعلهن ، وهو انقطاع دم الحيض( {[7168]} ) ، فشكر الله لهن تطهرهن بالماء .
وأتى " بالمتطهرين " ( {[7169]} ) بلفظ التذكير لأنه يكون من الرجال والنساء ، فغلب المذكر .
وقوله : ( أَنَّى شِئْتُمْ ) [ 221 ] . أي مقبلة( {[7170]} ) ومدبرة في الفرج( {[7171]} ) .