الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{قَالَ فَٱذۡهَبۡ فَإِنَّ لَكَ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ أَن تَقُولَ لَا مِسَاسَۖ وَإِنَّ لَكَ مَوۡعِدٗا لَّن تُخۡلَفَهُۥۖ وَٱنظُرۡ إِلَىٰٓ إِلَٰهِكَ ٱلَّذِي ظَلۡتَ عَلَيۡهِ عَاكِفٗاۖ لَّنُحَرِّقَنَّهُۥ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُۥ فِي ٱلۡيَمِّ نَسۡفًا} (97)

ثم قال تعالى جل ذكره : { قال فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس }[ 95 ] .

أي : قال موسى للسامري : فاذهب فإن لك في حياة{[45477]} الدنيا : أي : أيام حياتك أن تقول لا مساس ، أي لا أمس ، أي : عقوبتك في الدنيا أن لا تكلم ولا تخالط .

وقيل{[45478]} : معناه : لك في [ الحياة ]{[45479]} الدنيا أن تعيش مع البهائم{[45480]} والسباع والوحوش في البرية ، مستوحشا لا تقرب أحدا ولا تمس أحدا ولا يمسك أحج .

وروي{[45481]} أن موسى عليه السلام أمر بني إسرائيل ألا يؤاكلوه ، ولا يخالطوه ولا يبايعوه ، فلذلك قال له : أن تقول لا مساس وذلك{[45482]} فيما يذكر في قبيلته إلى الآن .

وقال قتادة : كان السامري عظيما من عظماء بني إٍسرائيل من قبيلة يقال لها سامرة ولكن عدو الله نافق بعدما قطع البحر مع بني إسرائيل{[45483]} .

وقال ابن جبير : كان من أهل كرمان .

وقوله : { لا مساس } منصوب على التبرئة ك( لا رجل في الدار ) .

ويجوز : { لا مساس } بكسر السين وتبنيه على الكسر{[45484]} .

ثم قال : { وإن لك موعدا لن تخلفه }[ 95 ] يعني القيامة{[45485]} .

ومن كسر اللام ، أراد لن تغيب{[45486]} عنه ، وهو قول قتادة ، أي : تأتي إليه طائعا أو كارها{[45487]} وفيه معنى التهديد والوعيد ، ولفظه لفظ الخبر{[45488]} .

ومن فتح اللام ، أراد لن يخلفكه{[45489]} الله ، ثم رد{[45490]} إلى ما لم يسم فاعله{[45491]} .

ثم قال : { وانظر إلى أهلك الذي ظلت عليه عاكفا }[ 95 ] .

أي : انظر إلى العجل الذي عبدته من دون الله ، وأقمت بعدي على عبادته لنحرقنه بالنار قطعة بعد قطعة ، لأن في التشديد معنى التكثير{[45492]} .

وقرأ الحسن : بتخفيف الراء على معنى : لنحرقنهرة واحدة{[45493]} .

وقرأ أبو جعفر القارئ{[45494]} : { لنحرقنه } بفتح النون وضم الراء ، بمعنى لنبردنه بالمبارد ، يقال : أحرقه وحرقه بالنار ، يحرقه ويُحَرِّقه : إذا نحته بمبرد أو غيره .

وقراءة أبي جعفر تروى عن علي وابن عباس .

قال علي بن أبي طالب{[45495]} رضي الله عنه : أمر موسى بالعجل فبرد في البحر فلم يشرب منه أحد ممن{[45496]} عبد العجل إلا اصفر لونه ، فقالوا : ما توبتنا . قال : أن يقتل بعضكم بعضا ، فأخذوا السكاكين ، فكان الرجل يقتل أباه وأخاه حتى قُتِل منهم سبعون ألفا ، فأوحى الله إليه{[45497]} : مرهم فليرفعوا القتل ، فقد رحمت من قتل منهم ، وقد تبت على من بقي .

وقوله : { ثم لننسفنه في اليم نسفا } أي : لنذرينه في البحر ذروا{[45498]} .


[45477]:ز: الحياة. بدل حياة الدنيا.
[45478]:انظر: البحر المحيط 6/275.
[45479]:زيادة من ز.
[45480]:البهائم سقطت من ز.
[45481]:انظر: البحر المحيط 6/275.
[45482]:وذلك سقطت من ز.
[45483]:انظر: جامع البيان 16/206 وزاد المسير 5/318 والقرطبي 7/284 و11/239.
[45484]:على الكسر سقط من ز.
[45485]:ز: يوم القيامة.
[45486]:ز: يغيب.
[45487]:ز: كرها. وانظر: القول في جامع البيان 16/207.
[45488]:ز: خبر.
[45489]:ز: يخلف له.
[45490]:ز: رده.
[45491]:قرأ ابن كثير وأبو عمرو (لن تخلفه) بكسر اللام والباقون بفتحها. انظر: التيسير 153 والحجة لابن خالويه 247 والكشف 2/105 والنشر 2/322.
[45492]:ز: الكبير. (تصحيف).
[45493]:انظر: المحتسب 2/58 ومختصر ابن خالويه 92.
[45494]:انظر: المحتسب 2/58 ومختصر ابن خالويه 92. وأبو جعفر القارئ هو يزيد بن القعقاع. الإمام أبو جعفر المخزومي المدني القارئ. أحد القراء العشرة. تابعي مشهور (ت 130 هـ) انظر: ترجمته في معرفة القراء الكبار 1/72 وغاية النهاية 2/384.
[45495]:انظر: تفسير ابن كثير 3/164 وفتح القدير 3/382.
[45496]:ممن سقطت من ز.
[45497]:إليه سقطت من ز.
[45498]:ز: ذريا. وكلاهما مصدران. وفعله واوي ويائي. انظر: اللسان (ذرا.