الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{هَـٰٓأَنتُمۡ أُوْلَآءِ تُحِبُّونَهُمۡ وَلَا يُحِبُّونَكُمۡ وَتُؤۡمِنُونَ بِٱلۡكِتَٰبِ كُلِّهِۦ وَإِذَا لَقُوكُمۡ قَالُوٓاْ ءَامَنَّا وَإِذَا خَلَوۡاْ عَضُّواْ عَلَيۡكُمُ ٱلۡأَنَامِلَ مِنَ ٱلۡغَيۡظِۚ قُلۡ مُوتُواْ بِغَيۡظِكُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ} (119)

( هَأَنْتُم أُولاَءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ ) الآية [ 119 ] .

معناها : " أنتم أيها المؤمنون تحبون الكفار الذين نهيتكم عن اتخاذهم بطانة من دون المؤمنين .

وقيل [ هم ]( {[10708]} ) المنافقون نهى الله المؤمنين عن محبتهم لأن المؤمنين أحبوهم( {[10709]} ) لما أظهروا الإيمان ، فأخبر الله بما يسرون من العداوة والبغضاء لهم ، ولأنهم لا يحبونهم( {[10710]} ) ، ويعضون عليهم الأنامل من الغيظ فقال : ( وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ ) أي : بل يبطنون لكم العداوة والغش( {[10711]} ) .

وأولاء عند الطبري بمعنى : الذين ، وهي على بابها عند غيره( {[10712]} ) وأنتم : ابتداء ، وأولاء : الخبر( {[10713]} ) .

وذهب القتبي إلى أنه نداء والمعنى : أنتم يا هؤلاء( {[10714]} ) .

وقيل : الضمير للمنافقين بدليل قوله : ( وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا ءَامَنَّا )( {[10715]} ) .

وقوله : ( وَتُومِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ ) أي : بكتابكم وبكتابهم ، وبما مضى من الكتب قبل ذلك( {[10716]} ) . وهذا يدل على أن الآية التي قبلها في اليهود دون المنافقين لأنهم أهل كتاب ، ولا كتاب للمنافقين .

قوله : ( وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الاَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ ) أي : عضوا على ما يرون( {[10717]} ) من ائتلاف المؤمنين ، واجتماع كلمتهم –والأنامل أطراف الأصابع- ( قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ ) أي : بالغيظ الذي بكم أي : اهلكوا به ، وهو دعاء في لفظ الأمر( {[10718]} ) .


[10708]:- ساقط من (أ).
[10709]:- (أ): حبهم، (د): أخبرهم.
[10710]:- (أ): لا يحبون لهم.
[10711]:- انظر: معاني الزجاج 1/462.
[10712]:- ذهب الكوفيون إلى أن أسماء الإشارة تكون بمعنى اسم الموصول ولم يجز البصريون ذلك. انظر: الإنصاف 2/717، ويظهر أن الطبري صار إلى مذهب الكوفيين يشهد لذلك ما في جامع البيان 1/396 و3/306 و4/64 و5/272 و26/65، وينظر أيضاً إعراب القرآن المنسوب للزجاج 1/210-215 والأشموني بحاشية الصبان 1/148.
[10713]:- انظر: إعراب النحاس 1/360.
[10714]:- انظر: تفسير الغريب 109.
[10715]:- عزاه القرطبي إلى أبي العالية ومقاتل، انظر: الجامع للأحكام 4/181.
[10716]:- انظر: جامع البيان 4/65.
[10717]:- (أ) و(ج): ما لا يرون وهو خطأ.
[10718]:- قد يخرج الأمر عن معناه إلى الدعاء والتوبيخ.. انظر: مفتاح العلوم 318، والإيضاح في علوم البلاغة 1/243.