الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{مَثَلُ مَا يُنفِقُونَ فِي هَٰذِهِ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا كَمَثَلِ رِيحٖ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتۡ حَرۡثَ قَوۡمٖ ظَلَمُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ فَأَهۡلَكَتۡهُۚ وَمَا ظَلَمَهُمُ ٱللَّهُ وَلَٰكِنۡ أَنفُسَهُمۡ يَظۡلِمُونَ} (117)

قوله : ( مَثَلُ مَا يُنفِقُونَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) الآية [ 117 ] .

المثل هنا بمعنى الشبه ومعناها : شبه ما يتصدق به الكافر يا محمد كشبه ريح فيها صر ، وهو البرد الشديد ( أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ) أي : زرعهم الذي أملوا( {[10679]} ) إدراكه كما أمل الكفار وجود عملهم في الآخرة .

ومعنى ( ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ) : عصوا الله ورسوله فأهلكته( {[10680]} ) فصدقة الكافر كزرع هذا الظالم لنفسه ، ونفقة الكافر هنا( {[10681]} ) : صدقاتهم على أقربائهم تقرباً إلى الله عز وجل .

وقيل : نفقتهم هو ما ينفقون على قتل النبي صلى الله عليه وسلم وأذاه( {[10682]} ) .

وقيل : هي نفقة الكافر في الدنيا( {[10683]} ) .

وقيل : هي قوله بلسانه ما ليس في قلبه فهو لا ينفعه [ كما لا ينتفع ]( {[10684]} ) بالزرع الذي أصابته الريح التي فيها برد شديد( {[10685]} ) .

ومعنى ( كَمَثَلِ رِيحٍ ) أي : كمثل مهلك ريح ، فتحقيق المثل إنما هو للحرث .

والتقدير : مثل نفقة هؤلاء كمثل حرث أصابته ريح فيها صرٌ فأهلكته( {[10686]} ) ، فهو بمنزلة قوله : ( كَمَثَلِ الذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاءً )( {[10687]} ) والمعنى : [ كمثل ]( {[10688]} ) المتعوق به أي : مثلهم في أنهم لا يعقلون ما يقال لهم كمثل الغنم لا تعقل بما يقال لها .


[10679]:- (أ) أمالوا وهو خطأ.
[10680]:- (ج): أهلكتهم وهو خطأ لأن الضمير المفرد يعود على الحرف، وهو المقصود في التشبيه.
[10681]:- (ب) و(د): هنا في صدقاتهم.
[10682]:- انظر: معاني الزجاج 1/461 ومجمع البيان 3/175.
[10683]:- انظر: جامع البيان 4/59 والدر المنثور 2/299.
[10684]:- ساقط من (أ).
[10685]:- يعزى إلى السدي انظر: المصدر السابق. ورد أبو حيان هذا الرأي باعتبار أن الآية في الكفار الذين يعلنون وليست في المنافقين الذين يبطنون. انظر: البحر 3/37.
[10686]:- (ب) و(د): فأحرقته.
[10687]:- البقرة آية 171.
[10688]:- ساقط من (أ) (ج).