الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{فَتَرَى ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٞ يُسَٰرِعُونَ فِيهِمۡ يَقُولُونَ نَخۡشَىٰٓ أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٞۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن يَأۡتِيَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرٖ مِّنۡ عِندِهِۦ فَيُصۡبِحُواْ عَلَىٰ مَآ أَسَرُّواْ فِيٓ أَنفُسِهِمۡ نَٰدِمِينَ} (52)

قوله : ( فَتَرَى الذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ [ يُسَارِعُونَ فِيهِمُ ] )( {[16855]} ) الآية [ 54 ] .

هذه الآية بيان لما في الآية التي قبلها ، والمعنى : ترى قوماً في قلوبهم مرض يسارعون في ولاية( {[16856]} ) اليهود والنصارى ، ( يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ ) أي : تكون الدائرة علينا ، فيوالون اليهود والنصارى لضُعْفِ إيمانهم( {[16857]} ) .

وقيل : يعني بذلك عبد الله بن أبي بن سلول المنافق( {[16858]} ) .

وقال مجاهد : كان المنافقون يَصَانِعُونَ اليهود وَيَسْتَرْضُونَهم ويستعرضون أولادهم يقولون : نخشى أن تكون الدائرة لليهود ، وفيهم نزلت الآية ، وكذلك قال قتادة( {[16859]} ) .

قال ابن عباس : معنى قولهم : ( نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ ) ( أي )( {[16860]} ) : نخشى ( ألا يدوم )( {[16861]} ) الأمر لمحمد ويغلب علينا المشركون( {[16862]} ) .

وقيل : يراد بها عبد الله بن أبيّ المنافق وأصحابه ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يزل في طلب بني/قَيْنُقاع حتى أسرهم( {[16863]} ) ، ولم يزل عبد الله بن أبي يسأل فيهم حتى خلاهم له وقال : خذهم( {[16864]} ) لا بارك الله لك فيهم ، فماتوا حتى بقي منهم نافخ النار( {[16865]} ) .

وقيل : المعنى : نخشى أن يصيبنا قحط فلا يفضلوا علينا ، فيوالونهم( {[16866]} ) لذلك( {[16867]} ) .

والأول أحسن لقوله : ( فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَّاتِيَ بِالفَتْحِ ) أي : بالنصر( {[16868]} ) .

( و )( {[16869]} ) قال ابن عباس : فأتى الله بالفتح ، فَقُتِلَتْ مُقَاتِلَة قُريظَةَ ، وسُبِيَت( {[16870]} ) ذراريهم ، وأُجْليَ بنو النضير( {[16871]} ) .

ومعنى ( أَوَاَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ ) يخبر( {[16872]} ) بأسماء المنافقين الذين يوالون اليهود والنصارى( {[16873]} ) .

( فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا ( فِي أَنفُسِهِمْ ) )( {[16874]} ) . ( من )( {[16875]} ) موالاة اليهود والنصارى ( نَادِمِينَ )( {[16876]} ) .

وقيل : ( أَوَ اَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ ) إيجاب الجزية على اليهود والنصارى( {[16877]} ) . وقيل معنى( {[16878]} ) : ( أَوَ اَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ ) بالخصب( {[16879]} ) .

ومعنى : ( بالفتح ) : فتح مكة( {[16880]} ) ، فيصبحوا نادمين إذا رأوا النصر( {[16881]} ) .

وقيل : الفتح : القضاء ، ومن قوله : ( رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالحَقِّ )( {[16882]} ) .


[16855]:- ساقطة من ب ج د.
[16856]:- ب: الآية.
[16857]:- انظر: المحرر 5/128، وتفسير البحر 3/507.
[16858]:- هو قول عطية وعبادة في تفسير الطبري 10/402 و403.
[16859]:- انظر: تفسير الطبري 10/403، وانظر: قول مجاهد في تفسيره 310.
[16860]:- ساقطة من ب ج د.
[16861]:- ب: أن لا يقوم.
[16862]:- انظر: تفسير البحر 3/508، وفسر به القرطبي الآية في أحكامه 6/217.
[16863]:- وذلك بسبب تعريتهم امرأة بسوق بني قينقاع. انظر: القصة في سيرة ابن هشام 4/51.
[16864]:- ج د: خذ.
[16865]:- القصة بكاملها في سيرة ابن هشام 3/51، 53 وفيه قول رسول الله لرأس النفاق: "هم لك" فقط.
[16866]:- د: فوالونهم.
[16867]:- انظر: غريب ابن قتيبة 144.
[16868]:- أي فتح مكة، وانظر: فيما يأتي قريباً من معاني "الفتح" و"بالفتح: أي: بالنصر" في مجاز أبي عبيدة 1/169، وإعراب النحاس 1/503.
[16869]:- ساقطة من ب ج د.
[16870]:- ب: سميت.
[16871]:- ب ج: النضير. وانظر: أحكام القرطبي 6/218.
[16872]:- ب ج د: أي: يخبر.
[16873]:- هو قول الحسن في أحكام القرطبي 6/218.
[16874]:- ساقطة من د.
[16875]:- ساقطة من ب.
[16876]:- انظر: أحكام القرطبي 6/218.
[16877]:- هو قول السدي في تفسير الطبري 10/406، وفي أحكام القرطبي 6/218.
[16878]:- ب ج د: المعنى.
[16879]:- بالنصب وهو قول ابن قتيبة في غريب 144، ولم يذكر قائله في أحكام القرطبي 6/218.
[16880]:- هو قول السدي في تفسير الطبري 10/405، وانظر: غريب ابن قتيبة 144.
[16881]:- انظر: أحكام القرطبي 6/218.
[16882]:- الأعراف 88. وانظر: قول قتادة وكلام الطبري في تفسيره 10/405 و406.