الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{عِندَ سِدۡرَةِ ٱلۡمُنتَهَىٰ} (14)

ثم قال : { ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى } [ 13 ] أي : رأى محمد جبريل مرة أخرى في هذا الموضع على صورته قاله مجاهد {[65751]} . وقاله {[65752]} الربيع ، وهو قول ابن مسعود {[65753]} .

وروي : أن عائشة رضي الله عنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رؤية جبريل فقال : لم أره على صورته إلا هاتين المرتين ، رأيته منهبطا من/ السماء سادا عظيم خلقه بين السماء والأرض {[65754]} .

وقال ابن عباس : رأى ربه بقلبه ، فقال له رجل عند ذلك أليس قد قال : { لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار } {[65755]} فقال له عكرمة : أليس ترى السماء ؟ فقال : بلى ، قال : أفكلها ترى {[65756]} .

ومعنى سدرة المنتهى أي : عند السدرة التي إليها ينتهي علم كل عالم {[65757]} .

وقال كعب : هي سدرة في أصل العرش إليها ينتهي علم كل ملك {[65758]} مقرب أو نبي مرسل ما خلفها غيب لا يعلمه {[65759]} إلا الله .

وعن كعب أنه قال : إنها سدرة على رؤوس حملة العرش فإليها ينتهي علم الخلائق {[65760]} .

وقال عبد الله : هي سدرة في السماء السادسة إليها ينتهي من يعرج من الأرض وإليها ينتهي ما يهبط من فوقها {[65761]} .

وقال الضحاك : في {[65762]} سدرة المنتهى {[65763]} : إليها ينتهي كل شيء من أمر الله جل ذكره {[65764]} لا يعدوها {[65765]} .

وقيل {[65766]} هي الجنة التي آوى إليها آدم عليه السلام وإنها في السماء الرابعة .

وقيل : هي سدرة إليها ينتهي كل من كان على سنة رسول الله ، روى ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم وأنه لما انتهى إليها ليلة الإسراء قيل له : إلى هذه السدرة ينتهي كل أحد خلا من أمتك على سنتك {[65767]} .

وروى علي بن أبي طالب رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : في سدرة المنتهى : نبقها كقلال هجر {[65768]} .

وقال الربيع بن أنس : إليها تنتهي أرواح الشهداء ، فلذلك سميت سدرة المنتهى {[65769]} .

وقال قتادة : أخبرني أنس بن مالك عن مالك بن {[65770]} صعصعة أن النبي صلى الله عليه وسلم {[65771]} قال : رأيت سدرة منتهاها في السماء السابعة نبقها كقلال هجر وورقها كأذان {[65772]} الفيلة يخرج من ساقها نهران باطنان ونهران ظاهران فقال : يا جبريلا هذا ؟ فقال : أما الباطنان ففي الجنة وأما الظاهران فالنيل والفرات {[65773]} .

وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : في صفتها : يسير الراكب في ظلها سبعين عاما لا يقطعها {[65774]} .


[65751]:انظر: جامع البيان 27/30.
[65752]:ح: "قال".
[65753]:انظر: جامع البيان 27/30، وتفسير القرطبي 17/94.
[65754]:والحديث أخرجه مسلم في صحيحه، باب: في ذكر سدرة المنتهى واثبات رؤية الله سبحانه وتعالى 3/8. والترمذي 5/69 (رقم 3382). وانظر: تحفة الإشراف للمزي (17613) وهو في جامع البيان 27/30، وتفسير النسائي 2/340.
[65755]:الأنعام: 104.
[65756]:انظر: جامع البيان 27/31.
[65757]:ح: "على" : وهو تحريف.
[65758]:انظر: جامع البيان 27/31، والدر المنثور 7/650.
[65759]:ع: "لا يعلمها".
[65760]:انظر: جامع البيان 27/31، والدر المنثور 7/650.
[65761]:انظر: جامع البيان 27/31.
[65762]:ع: "هي".
[65763]:ساقط من ع.
[65764]:ساقط من ع.
[65765]:ح: "لا يعودها": وهو تحريف.
[65766]:انظر: جامع البيان 27/31، والدر المنثور 8/650.
[65767]:ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 1/72 -78، وفي كشف الأستار عن زوائد البزار كتاب: الإيمان 1/43 (رقم 55) من حديث طويل.
[65768]:أخرجه البخاري كتاب: بدء الخلق، باب: حديث الإسراء 4/249. وأحمد في مسنده 3/164 و 4/207 -209. و"النبق" بفتح النون وكسر الباء، وقد تسكن: ثمر السدر واحدته نبقة، وأشبه شيء به العناب قبل أن تشتد حمرته. انظر: النهاية في غريب الحديث 5/10 والصحاح 4/1557، والتاج 7447 و "فلال هجر" شبيهة بالحباب (...) وفي الحديث: "إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل خبثا"، قال أبو عبيد في قوله قلتين: يعني هذه الحباب العظام، واحدتها قلة، وهجر: قرية قريبة من المدينة، وليست هجر البحرين، وكانت تعمل بها القلال، وروى شمر عن ابن جريج قال: أخبرني من رأى قلال هجر البحرين، وكانت تعمل بها القلال، وروى شمر عن ابن جريج قال: أخبرني من رأى قلال هجر تسع قلة منها الفرق، قال عبد الرزاق: الفرق أربعة أصوع بصاع سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم (...) وسميت قلالا لأنها تقل أي ترفع إذا ملئت وتحمل" . انظر: اللسان مادة "قلل" 3/155.
[65769]:انظر: تفسير القرطبي 17/95.
[65770]:هو مالك بن صعصعة بن وهب بن عدي بن مالك بن غنم بن عدي بن عامر بن عدي ابن النجار الأنصاري، حدث أنس بن مالك عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قصة الإسراء، سكن المدينة، وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثين، وقيل أنه من بني مازن بن النجار وجزم بذلك البغوي فقال إنه من بني مازن بن النجار رهط سفيان. انظر: عنه الإصابة 3/346،، وأسد الغابة 4/251، والاستيعاب 3/1325.
[65771]:ع: "عليه السلام".
[65772]:ع: "كأذن".
[65773]:أخرجه البخاري كتاب : بدء الخلق باب: حديث الإسراء 4/249 ومسلم، كتاب: الإيمان باب: الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم وفرض الصلوات 2/214، انظر: تحفة 8/216 وذكره الطبري في جامع البيان 27/33، والبغوي في معالم التنزيل 6/259 والألوسي في روح المعاني 7/50.
[65774]:أخرجه البخاري، كتاب: بدء الخلق، باب: ذكر الملائكة صلوات الله عليهم 4/76. وأحمد في مسنده 2/275، 418، 1462، و3/110، و135، 164 وفيه (... يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها).