الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{أَوَمَن كَانَ مَيۡتٗا فَأَحۡيَيۡنَٰهُ وَجَعَلۡنَا لَهُۥ نُورٗا يَمۡشِي بِهِۦ فِي ٱلنَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُۥ فِي ٱلظُّلُمَٰتِ لَيۡسَ بِخَارِجٖ مِّنۡهَاۚ كَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِلۡكَٰفِرِينَ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (122)

قوله : { أو من كان ميتا{[21672]} فأحييناه } الآية [ 123 ] .

/{[21673]} روى المسيبي{[21674]} عن نافع ( أو من كان ) بإسكان الواو{[21675]} .

والمعنى : أن الكلام جرى على التحذير من طاعة المشركين ، والآخذ بطاعة المؤمنين ، والمعنى : أطاعة من كان ميتا فأحييناه ، وهو المؤمن كان كافرا فصار مؤمنا ، كطاعة من مثله كمثل من في الظلمات ليس بخارج منها ، يتردد فيها{[21676]} . وهو الكفر يتردد فيه الكفار ؟ ، فكان تحقيق ذلك : أطاعة المؤمنين كطاعة الكافر ؟ {[21677]} .

وهذه الآية نزلت في رجلين مؤمن وكافر : فالمؤمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، والكافر أبو جهل{[21678]} .

وقيل : المؤمن عمار{[21679]} بن ياسر ، والكافر أبو جهل{[21680]} . وقيل : المؤمن حمزة{[21681]} حيي{[21682]} بالإيمان بعد أن كان ميتا بالكفر{[21683]} ، وقيل : هو النبي حيي{[21684]} بالنبوة{[21685]} .

{ كمن مثله في الظلمات } أي : كمن هو في الظلمات{[21686]} ، وهي الكفر ، يراد به أبو جهل ، { ليس بخارج منها } إلى نور الإسلام أبدا{[21687]} .

روي{[21688]} أن أبا جهل رمى النبي يفرث{[21689]} – وحمزة عم النبي عليه السلام ، لم يؤمن بَعْدُ – فأخبر أبو جهل حمزة بما فعل بالنبي ، وبيد{[21690]} حمزة قوس ، فعلا به أبا جهل غضبا للنبي ، فأقبل أبو جهل يتضرع{[21691]} إلى حمزة ويقول : يا أبا يعلى ، أما ترى ما جاء به : سفه عقولنا وعقول آبائنا ؟ . فقال له حمزة رضي الله عنه : ومن أسفهُ منكم{[21692]} وأحمق حيث تعبدون الحجارة من دون الله ؟ ، أشهد ( أن لا ){[21693]} إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله . فحيي{[21694]} بالإيمان الذي وفَّقه{[21695]} الله إليه ، وبقي أبو جهل في ظلمات الكفر حتى مات كافرا{[21696]} ، وفيهما نزل { أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه }{[21697]} يعني حمزة ، { كمن متعناه متاع الحياة الدنيا }{[21698]} يريد{[21699]} أبا جهل{[21700]} .

ومعنى : { وجعلنا له نورا } قال ابن عباس : يعني بالنور القرآن يهتدي به{[21701]} وقال ابن زيد ( نورا ) هو ( الإسلام الذي هداه الله إليه ){[21702]} .


[21672]:هكذا قرأها نافع وقرأها الباقون خفيفة. انظر: السبعة 268.
[21673]:جلها مطموس مع بعض الخرم.
[21674]:د: المسيب.
[21675]:انظر: إعراب النحاس 1/578.
[21676]:ب: يترد.
[21677]:انظر: تفسير الطبري 12/88، 89، وفيه روايات بهذا المعنى عن أهل التأويل 12/90، وانظر: أيضا معاني الزجاج 2/288.
[21678]:هو قول الضحاك في تفسير الطبري 12/89، وقول ابن أسلم في أسباب النزول 151، وقول ابن عباس في لباب النقول 104.
[21679]:ب: عمل ر.
[21680]:هو قول عكرمة في تفسير الطبري 12/95.
[21681]:هو أبو عمارة حمزة بن عبد المطلب عم رسول الله وأخوه من الرضاعة، لقبه الرسول الكريم: (أسد الله)، وسماه (سيد الشهداء) استشهد سنة 3 هـ. انظر: الإصابة 2/121، و122، والأعلام 2/298.
[21682]:ب: حي.
[21683]:حكاه (المهدوي عن بعضهم) في المحرر 6/142.
[21684]:ب: حبيبي.
[21685]:هو قول الزجاج في المحرر 6/142.
[21686]:(فـ) مثل (زائدة) انظر: أحكام القرطبي 7/78، 79.
[21687]:انظر: تفسير البحر 4/214.
[21688]:ب د: وروى.
[21689]:د: بفوة.
[21690]:ب: نيد.
[21691]:ب: بتضرع.
[21692]:د: منك.
[21693]:د: الا.
[21694]:ب: فحى.
[21695]:ب د: وقفه.
[21696]:ب: كافره.
[21697]:القصص آية 61.
[21698]:انظر: المصدر السابق.
[21699]:ب: الآية يريد. د: الآبه يريد.
[21700]:انظر: أسباب النزول 150، و151.
[21701]:انظر: تفسير الطبري 12/91.
[21702]:تفسير الطبري 12/92.