قوله : { ولو أننا أنزلنا إليهم الملائكة } الآية [ 112 ] .
وهذه الآية من الله ( إعلام ){[21435]} يُزيل بها طمع النبي من ( أن يؤمن ){[21436]} هؤلاء العادلون بربهم الأوثان ، الذي سألوا الآية وأقسموا إنهم{[21437]} يؤمنون إذا نزلت ، فأخبر تعالى أنهم لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية ، فقال تعالى : لو نزّلتُ إليهم الملائكة ، أي : عيانا ، { وكلمهم الموتى } بأنك{[21438]} مُحِقٌّ فيما تقول ، { وحشرنا عليهم } أي : جمعنا عليهم { كل شيء قبلا } أي : عيانا{[21439]} .
/{[21440]} وقيل : معناه : آتيناهم بما غاب عنهم من أمور الآخرة ، ما آمنوا { إلا أن يشاء الله } ، عزى الله نبيه بهذا ، وأعلمه أن من سبق في علم الله ألا يؤمن ، فلا ينفعه شيء{[21441]} .
قوله : { ولكن أكثرهم يجهلون } : أي : يجهلون ما في مخالفتك – يا محمد – وهم يعلمون أنك نبي صادق فيما جئتهم به{[21442]} .
وروي أن النبي عليه السلام كان يداعب{[21443]} أبا سفيان{[21444]} بمِخْصَرَة{[21445]} في يده ، يطعن بها أبا سفيان ، فإذا أخرقته{[21446]} قال له : نح{[21447]} عني مِخصَرَتَك ، فوالله لو أسلمت إليك هذا الأمر ، ما اختلف عليك فيه اثنان . فقال له النبي : أسألك بالذي أسلمت له ، ( عن أي : شيء كان قتالُك إيّايَ ) ؟ {[21448]} .
قال له أبو سفيان : تظنُّ ( أني كنت ){[21449]} أقاتلك تكذيبا مني{[21450]} ، والله ما شككت في{[21451]} صدقك ، وما كنت أقاتلك إلا حسدا مني لك ، فالحمد لله الذي نزع ذلك من قلبي . فكان النبي يشتهي ذلك منه ، ويتبسم إليه . ومن قرأ ( قُبُلاً ) بالضم{[21452]} ، احتمل ثلاثة أوجه :
- أحدهما : أن يكون جمع ( قبيل ) ، كرغيف ورُغُف{[21453]} . والقبيل : الضمين والكفيل ، ويكون المعنى : وجمعنا عليهم كل شيء يكتفِل{[21454]} الملائكة لهم بصحة هذا ، لم يؤمنوا ، كما قال : { أو تاتي بالله والملائكة قبيلا }{[21455]} أي : ضمينا{[21456]} .
- والوجه الثاني : أن يكون ( القبل ) واحدا ، بمعنى المقابلة{[21457]} ، تقول : ( أتيتك قِبَلاً{[21458]} لا دُبُرا ) : إذا أتيته من قبل وجهه ، فالمعنى وجمعنا{[21459]} عليهم كل شيء من قِبَل وُجوهِهم .
- والوجه الثالث : أن يكون ( قُبُلاً ){[21460]} جمع ( قبيل ) أيضا ، ويكون ( قبيل ) بمعنى : فرقة وصنف . فالمعنى : وحشرنا عليهم كل شيء صنفا صنفا وقبيلة ( قبيلة ){[21461]} ، فيكون ( قبلا ) جمع ( قبيل ) و( قبيل ) جمع ( قبيلة ){[21462]} . ومن قرأ ( قِبَلاً ){[21463]} فمعناه : عيانا ، أي : معاينة{[21464]} .
وهذا ( إعلام ){[21465]} للنبي كإعلام نوح : { أنه ( لن يومن ){[21466]} من قومك إلا من قد آمن }{[21467]} .
وقال المبرد : ( قِبَلا ) بمعنى ناحية ، أي : وجمعنا عليهم كل شيء ناحية ، كما تقول : ( لي قِبَلَ فلان مال ) ، أي : ناحيته{[21468]} ، فكان نصبه – على هذا – على الظرف{[21469]} ، وعلى الأقوال المتقدمة : على الحال{[21470]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.