الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَإِذَا ٱلۡبِحَارُ سُجِّرَتۡ} (6)

- ثم قال تعالى : ( وإذا البحار {[73899]} سجرت )

قال أبي بن كعب : ( سجرت ) : اشتعلت نارا {[73900]} .

وقد سأل علي بن أبي طالب رضي الله عنه {[73901]} رجلا من اليهود فقال له : أين جهنم ؟ فقال : البحر ، ( فقال ) {[73902]} : ما أراه إلا [ صادقا ] {[73903]} وقرأ : ( والبحر {[73904]} المسجور ) {[73905]} ، ( وإذا البحار سجرت ) {[73906]} . وقال ابن زيد : ( سجرت ) : أوقدت فصارت نيرانا . وقاله سفيان {[73907]} .

وقال الربيع ابن [ خثيم ] {[73908]} : ( سجرت ) : " فاضت " {[73909]} .

وقال الضحاك : " فجرت " {[73910]} . ودليله قوله في الانفطار : ( وإذا البحار فجرت ) {[73911]} ، فكيف يخبر عنها في هذه السورة بأنها {[73912]} تسعر نارا ، [ و ] {[73913]} يخبر عنها في [ السورة ] {[73914]} الأخرى {[73915]} بأنها تفجر ؟ ! بل الخبر في السورتين عن تفجيرها أولى .

وقال قتادة : ( سجرت ) : ذهب {[73916]} ماؤها وغار {[73917]} .

وقالا لحسن : " يبست " {[73918]} ، وهذا موافق لقول الضحاك وموافق لمعنى ما في السورة الأخرى من ذكر التفجير ، لأنها إذا فجرت ذهب ماؤها ، وإذا ذهب ماؤها يبست فالمعنى متفق في ذلك .

وقال ابن عباس : جهنم في {[73919]} الأخضر [ تكور ] {[73920]} الشمس والقمر فيه ، [ وتتناثر ] {[73921]} الكواكب ثم تسجر {[73922]} فتكون جهنم {[73923]} . وقال معاوية بن سعيد {[73924]} : بحر الروم {[73925]} [ وسط ] {[73926]} الأرض ، أسفله {[73927]} آبار مطبقة بنحاس تسجر يوم القيامة {[73928]} .

وقال ( أبو ) {[73929]} عمران الجوني {[73930]} : بلغنا أن دون العرش بحارا {[73931]} من نحاس {[73932]} تسجر يوم القيامة {[73933]} .

والمسجور [ و ] {[73934]} الساحر {[73935]} في اللغة الملآن {[73936]} ، فمعناه {[73937]} -على قول من جعله جهنم- أنها {[73938]} تملأ نار .

وقيل : هي بحار في جهنم ، إذا كان يوم القيامة سجرت بأنواع العذاب ، أي : ملئت [ بذلك ] {[73939]} . [ روي أن الأوزاعي وقف على بحر الشام ، فقال : هذا بحر ، وتحته نار ، وتحت النار بحر وتحت البحر نار ، حتى أتى على سبعة أبحر وسبعة أنوار {[73940]} . ثم قال : ينصب عليه الماء يوم القيامة ، تشتعل نيرانه فتصير جهنم ] {[73941]} .


[73899]:ث: الجبال، هو خطأ.
[73900]:انظر: المصدر السابق.
[73901]:أ: علي رضي الله عنه.
[73902]:ساقط من ث.
[73903]:م: صادق.
[73904]:مخرومة في أ.
[73905]:الطور: 5.
[73906]:انظر: المصدر السابق. ويحتمل جواب الرجل أن يكون المراد أن جهنم في البحر أو أنها هي البحر نفسه اعتباراً بما سيؤول إليه عند قيام الساعة –والله أعلم.
[73907]:انظر: جامع البيان 30/68 وأخرجه –أيضاً- عن شمرة بن عطية، وهو قول علي وابن عباس في زاد المسير 9/39.
[73908]:أ، ث: ختيم.
[73909]:جامع البيان 30/68.
[73910]:انظر: المصدر السابق.
[73911]:الانفطار: 3.
[73912]:ث: فإنها.
[73913]:م: أو.
[73914]:م: الصورة.
[73915]:أ: في السورة والأخرى.
[73916]:ث: ذهبت.
[73917]:انظر: جامع البيان 30/68.
[73918]:جامع البيان 30/68.
[73919]:أ: هي.
[73920]:م: تكون.
[73921]:م: وتناثرت.
[73922]:أ: تسجن.
[73923]:انظر: جامع البيان 30/68 وليس فيه ذكر البحر الأخضر، وذكره ابن عطية في المحرر 16/238.
[73924]:هو معاوية بن سعيد بن شريح بن عروة التجيبي الفهمي مولاهم مصري روى عن يزيد بن أبي حبيب وعبد الله بن مسلم وعنه زبيد بن حميد ونافع بن يزيد، ذكره ابن حبان في الثقات. انظر: تهذيب التهذيب 10/206.
[73925]:ث: الروام.
[73926]:م: ونمط.
[73927]:أ: اسهاها.
[73928]:حكاه ابن كثير في تفسيره 4/508 عن ابن أبي حاتم فيما يخرجه عن معاوية. ثم قال ابن كثير: "وهذا أثر غريب عجيب!".
[73929]:ساقط من ت.
[73930]:ث: الجويني.
[73931]:أ: بحار.
[73932]:أ: نار.
[73933]:لم أقف على قول أبي عمران فيما اطلعت عليه.
[73934]:زيادة من ث، أ.
[73935]:ث: المساجر.
[73936]:انظر: اللسان: (سجر)، قال: "الساجر: الموضع الذي يأتي عليه السيل فيملؤه..." وقال أيضا "عن أبي زيد: المسجور: يكون المملوء ويكون الذي ليس فيه شيء"، يعني أنه من الأضداد.
[73937]:ث: فمعنى.
[73938]:أ: بها.
[73939]:ساقط من م. وهذا القول حكاه النحاس في إعرابه 5/157.
[73940]:في اللسان (نور): "يجمع النار على أنيار، وأصلها أنوار لأنها من الواو كما جاء في: ريحٍ وعيدٍ أرياحٍ وأعيادٍ. وهما من الواو".
[73941]:ما بين معقوفتين [روي أن الأوزاعي – فتصير جهنم] ساقط من ث.