تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَإِذَا مَسَّ ٱلۡإِنسَٰنَ ٱلضُّرُّ دَعَانَا لِجَنۢبِهِۦٓ أَوۡ قَاعِدًا أَوۡ قَآئِمٗا فَلَمَّا كَشَفۡنَا عَنۡهُ ضُرَّهُۥ مَرَّ كَأَن لَّمۡ يَدۡعُنَآ إِلَىٰ ضُرّٖ مَّسَّهُۥۚ كَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِلۡمُسۡرِفِينَ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (12)

وقوله تعالى : /227-أ/ : ( وَإِذَا مَسَّ الإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِداً أَوْ قَائِماً ) قال بعض أهل التأويل : جميع ما ذكر في القرآن الإنسان فالمراد منه الكافر . من ذلك قوله : ( يا أيها الإنسان إنك كادح )[ الانشقاق : 6 ] وقوله : ( يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم )[ الانفطار : 6 ] وقوله : ( والعصر ) ( إن الإنسان لفي خسر )[ العصر : 1و2 ] ونحوه .

لكن هذا لا نعلم أنه أراد به الكافر . فلئن كان ما ذكروا فإن أهل الإيمان يدخلون في هذا الخطاب إذا كان منهم ما يكون من الكفرة ؛ لأن من أهل الإيمان من يقبل على الدعاء والتضرع إلى الله عند مس الحاجة والشدة . فإذا انجلى ذلك ، وانكشف عنه ، ترك ذلك الدعاء الذي كان دعا وذلك التضرع الذي كان يتضرع إليه ، فدخل في ذلك .

ثم قوله تعالى : ( دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما ) ليس على إرادة حقيقية الجنب والقعود والقيام ، ولكن على الدعاء في كل حال ، أي يدعوه [ الكفرة ][ ساقطة من الأصل وم ] لما عرفوا أن الذين[ في الأصل وم : الذي ] كانوا يعبدون من دون الله لا يملكون دفع ما حل بهم من الشدائد والمضار أقبلوا على الله بالتضرع والدعاء إليه في كشف ذلك عنهم .

ثم أخبر عن سفههم وشدة تعنتهم وعودهم إلى الخلال التي كانوا [ عليها ][ ساقطة من الأصل وم ] من قبل ، فقال : ( فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ ) يقول ، والله أعلم : ( مر كأن لم يدعنا ) قد نسينا في الرخاء كأن لم يعرفنا . وإن التعدي عن الحد الذي جعل له هو[ في الأصل وم : وهو ] وضع الأموال والأنفس في [ المواضع التي ][ في الأصل وم : الموضع الذي ] لا ينتفعون في عبادة الأصنام وغيرها ، والله أعلم .