تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{۞وَلَوۡ يُعَجِّلُ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ ٱلشَّرَّ ٱسۡتِعۡجَالَهُم بِٱلۡخَيۡرِ لَقُضِيَ إِلَيۡهِمۡ أَجَلُهُمۡۖ فَنَذَرُ ٱلَّذِينَ لَا يَرۡجُونَ لِقَآءَنَا فِي طُغۡيَٰنِهِمۡ يَعۡمَهُونَ} (11)

وقوله تعالى : ( وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ ) كأن الآية على الإضمار ، كأنه قال ( ولو يعجل الله للناس الشر ) إذا استعجلوه كما يعجل لهم الخير إذا استعجلوه ( لقضي إليهم أجلهم ) لأنه ليس يذكر في ظاهر الآية استعجالهم الشر ، إنما يذكر [ تعجيله الخير ولكن ][ في الأصل : تعجيل ولكن ، في وم : تعجليه ولكن ما ] فيه ما ذكرنا من الإضمار إضمار الاستعجال ، وهو ما ذكرنا في غير آية[ في الأصل وم : آي ] من القرآن استعجالهم العذاب كقوله : ( أتى أمر الله فلا تستعجلوه )[ النحل : 1 ] وقوله : ( وأمطرنا عليها حجارة ) الآية[ هود : 82 ] ونحو[ في الأصل : ونحوه ] ذلك .

كانوا يستعجلون العذاب استعجال تضرع ، فيقول : لو عجل لهم العذاب إذا استعجلوه كما يعجل لهم الخير إذا استعجلوه ( لقضي إليهم أجلهم ) يقول : لهلكوا ، أو فنوا . هذا التأويل في أهل الكفر خاصة عند استعجالهم العذاب استعجال تضرع وسؤال .

ويشبه أن يكون هذا في جملة الخلق على غير تصريح السؤال ، ولكن عند ارتكابهم الشر يقول : ( ولو يعجل الله للناس الشر ) باكتسابهم الشر وبارتكابهم إياه وقت اكتسابهم [ كما يعجل لهم الخير وقت اكتسابهم الخير ][ ساقطة من م ] ( لقضي إليهم أجلهم ) لهم جزاء شرهم وقت اكتسابهم الشر كما يعجل لهم جزاء خيرهم ؛ لكان ما يستوجبون بارتكابهم الشر وقت فعلهم إياه ( لقضي إليهم أجلهم ) لكنه لم يجعل لهم ذلك ، وأخره إلى المدة التي جعل لآجالهم .

ويمكن وجه آخر ، وهو ما يدعو بعضهم على بعض باللعن والخزي ، ويقول الرجل عند شدة الغضب : اللهم العن فلانا ، اللهم اخزه ونحو ذلك من الدعوات . يقول : لو عجل لهم هذا كما يعجل لهم عند دعاء بعضهم بالرحمة والسعة ( لقضي إليهم أجلهم ) يكون هذا على وجوه ثلاثة :

أحدها : استعجال سؤال وتضرع [ وهو ][ ساقطة من الأصل وم ] الذي ذكرنا .

والثاني : بأفعالهم وارتكابهم الشر [ وقت ][ ساقطة من م ] ارتكابهم .

والثالث : في الأسباب التي بها يرتكبون ، ويفعلون .

وقوله تعالى : ( لقضي إليهم أجلهم ) يحتمل : لا يقدم ، ولا يؤخر ، وهو ما ذكر ( لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون[ الأعراف : 34و . . ] .

وقوله تعالى : ( فنذر الذين لا يرجون لقاءنا في طغيانهم يعمهون ) هو ما ذكرنا أن من حكمته ألا يعاب أحدا من الكفرة في الكفر بصنعه الذي صنع ، ويقد يعجل لهم جزاء خيراتهم في الدنيا لما ساق إليهم من أنواع النعم . ولكن من حكمته أن يؤخر عقوبتهم إلى يوم القيامة . فذلك تأويله[ من م ، في الأصل : تأويل ] ، والله أعلم .