تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{فَإِن كُنتَ فِي شَكّٖ مِّمَّآ أَنزَلۡنَآ إِلَيۡكَ فَسۡـَٔلِ ٱلَّذِينَ يَقۡرَءُونَ ٱلۡكِتَٰبَ مِن قَبۡلِكَۚ لَقَدۡ جَآءَكَ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡمُمۡتَرِينَ} (94)

وقوله تعالى : ( فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلْ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ ) قال بعضهم : الخطاب به والمراد به رسول الله : إن كنت في شك مما أخبرهم ، وأنبأتهم . فمن قال : الخطاب لرسول الله والمراد به غيره ، فهو[ في الأصل وم : وهو ] ما ظهر في الناس [ أنه يخاطب ][ في الأصل وم : أنهم مخاطبون ] من هو أعظم منزلة عندهم وقدرا ، ويريد[ في الأصل وم : ويريدون ] به غيره ، وإلا لا يحتمل أن يكون رسول الله يشك في ما أنزل إليه قط ، أو يرتاب ، كقوله : ( إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما )الآية[ الإسراء : 23 ] ومعلوم أنه في وقت ما خاطب به لم يكن أبواه حيين[ في الأصل وم : أحياء ] . دل أنه أٍراد به غيره .

فعلى ذلك الأول . ومن قال : الخطاب والمراد به من حضر رسول الله يقول : إن الوفود من الكفرة كانوا يتقدمون من رسول الله ، فيسألون شيئا ، فيخاطب الذي[ في الأصل وم : الذين ] يتقدم ، وكان يحضره الوفد والجماعة يقول : ( فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلْ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ ) .

وقوله تعالى : ( أنزلنا إليك ) على هذا التأويل هو منزل إليه ؛ إذ كل منزل على رسول الله [ هو منزل ][ ساقطة من الأصل وم ] عليه وإليه وإلى كل أحد بقوله : ( اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم )[ الأعراف : 3 ] أمر باتباع ما أنزل إليهم . دل أن كل منزل على رسول الله منزل[ في الأصل وم : نزل ] عليهم .

ومن قال : الخطاب لرسول الله ، والمراد به غيره لما[ في الأصل : ما ، في م : مما ] لا يحتمل أن يكون رسول الله يشك في شيء مما أنزل إليه ، ولكنه يريد به التقرير عنده[ من م ، في الأصل عنه ] لقول الكفار : الذي يلقي على محمد شيطان ، فيريد به التقرير عنده ، أو يخاطب به كل شاك كقوله : ( يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم )[ الانفطار : 6 ] هو يخاطب إنسانا ولكن المراد منه كل إنسان /234-بغرور وكل كافر ، وذلك جائز في القرآن أن يخاطب كل في نفسه .

ومن قال خاطب به رسوله ، وأراده أيضا وهو كان في الابتداء على غير يقين أنه يوحى إليه أو لا كقوله : ( ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان )[ الشورى : 52 ] فقال : ( فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلْ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ ) الأنباء التي أخبرتهم وأنبأتهم ، وادعيت أنها أوحيت إليك [ يخبروك أنها على ما أخبرتهم ][ في الأصل وم : ليخبروكم على ما أخبرتم ] .

وقوله تعالى : ( فَاسْأَلْ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ ) قال بعضهم : فاسأل أهل الكتاب منهم [ يخبروك أنه ][ في الأصل وم : يخبرونك لأنه ] مكتوب عندهم كقوله : ( يجدونه مكتوبا عندهم )الآية[ الأعراف : 157 ] .

وقوله تعالى : ( لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ ) قيل : الحق : القرآن ، جاء من ربك ، وقيل : جاء البيان أنه من عند الله .

وقوله تعالى : ( فَلا تَكُونَنَّ مِنْ المُمْتَرِينَ ) الشاكين .