الآية 46 : وقوله تعالى : { وقد مكروا مكرهم } مكروا : احتالوا على إهلاك الرسل وقتلهم كقوله : { وإذ يمكر بك الذين كفروا } الآية ( الأنفال : 30 ) وكيدهم الذي ذكر في غير آية {[9725]} من القرآن برسل الله حتى قال الرسل : { فكيدوني جميعا } ( هود : 55 ) .
ومكروا أيضا بدين الله الذي أتت به الرسل ؛ مكرا ، واحتالوا / 273 – ب / على إطفاء ذلك النور ، فأبى الله ذلك عليهم ، وأظهر دينه ، وأبقى نوره إلى يوم القيامة كقوله : { يريدون أن يطفئوا نور الله } ( التوبة : 32 ) .
كان مكرهم وحيلهم يرجع في أحد التأويلين إلى نفس الرسل حين هموا ، وقصدوا{[9726]} إهلاكهم ، وفي{[9727]} الثاني : يرجع إلى إطفاء الدين الذي أتى ( به الرسل ){[9728]} والنور الذي دعوا إليه .
وقوله تعالى : { وعند الله مكرهم } أي عند الله العلم بمكرهم ، محفوظ ذلك عنده ، لا يفوت ، ولا يذهب عنه شيء ، فيجزيهم بذلك في الآخرة . أو { وعند الله مكرهم } أي عند الله الأسباب التي بها مكروا ، من عند الله استفادوا ، وهو النعيم الذي أعطاهم ، والأموال التي ملكهم ، والعقول التي ركب فيهم بما قدروا على المكر والاحتيال عند الله ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال } اختلف في تلاوته وقراءته وتأويله .
قرأ بعضهم : { وإن كان مكرهم } بالذال [ وإذ ]{[9729]} ، وهو حرف عمر وابن مسعود وأبي وابن عباس رضي الله عنهم وقرأ بعضهم : { وإن كان مكرهم } بالنون .
ثم اختلف في قوله : { وإن كان } وقال الحسن وغيره . { وإن } بمعنى ما ، أي ما كان مكرهم لتزول منه الجبال ، قال : كان مكرهم أوهن وأضعف من أن تزول منه الجبال ، [ وقال : إن ]{[9730]} بمعنى ما كثير في القرآن كقوله : { لاتخذناه من لدنا إن كنا فاعلين } ( الأنبياء : 17 ) وكقوله : { إن نحن إلا بشر مثلكم } ( إبراهيم : 11 ) أي ما نحن إلا بشر مثلكم .
وقد تستعمل إن في موضع : قد كقوله : { إن كان وعد ربنا لمفعولا } ( الإسراء : 108 ) أي قد كان وعد ربنا لمفعولا .
فمن حمله على : ما فقد استهان بمكرهم ، واستخف به ، فقال : إن مكرهم أوهن وأضعف من أن تزول منه الجبال ، والجبال أوهن وأسرع زوالا من رسالة الرسل ودين الله ، بل رسالة الرسل ودين الله [ أثبت من الجبال لأن دين الله ]{[9731]} ورسله ، معهما حجج الله وبراهينه . فإذا لم يعمل مكرهم في إزالة الجبال لا يعمل في إزالة دين الله ورسالة الرسل ، ومعهما الحجج والبراهين .
ومن قال : وإن كان قد كان حمله على [ استعظام مكرهم ]{[9732]} وعلى ذلك من قرأ كاد بالدال على [ استعظام مكرهم ]{[9733]} كقوله : { تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا } { أن دعوا للرحمن ولدا } ( مريم : 90 و 91 ) من عظيم ما قالوا كادت السماوات تنشق . فعلى ذلك مكرهم جميعا [ في ]{[9734]} الوجهين : أن يستهان مرة ، ويستعظم أخرى إلا أن يقال : إن كلمتهم مكن حيث الشرك والكفر عظيمة ، ومن حيث احتيالهم ومكرهم في إزالة ذلك النور وإطفائه ضعيف ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.