تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلٗا رَّجُلَيۡنِ أَحَدُهُمَآ أَبۡكَمُ لَا يَقۡدِرُ عَلَىٰ شَيۡءٖ وَهُوَ كَلٌّ عَلَىٰ مَوۡلَىٰهُ أَيۡنَمَا يُوَجِّههُّ لَا يَأۡتِ بِخَيۡرٍ هَلۡ يَسۡتَوِي هُوَ وَمَن يَأۡمُرُ بِٱلۡعَدۡلِ وَهُوَ عَلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ} (76)

الآية : 76 وقوله تعالى : { وضرب الله مثلا رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شيء وهو كل على مولاه } ، إلى آخر الآية . قالوا : هذا المثل كالأول يحتمل الوجهين اللذين ذكرناهما في الأول .

أحدهما : المؤمن والكافر : شبه الكافر بالمملوك الأبكم الذي { لا يقدر على شيء وهو كل على مولاه } ، لا يأتي المولى بخير ، ولا ينتفع به .

وشبه المؤمن بالذي يأتي المولى بكل خير ونفع ؛ يقول : هل استوى هذا مع هذا عندكم ؟ لا يستوي .

فعلى ذلك لا يستوي الكافر الذي لا يعمل شيئا من طاعة ، ولا يأتي بخير ، والمؤمن الذي يعمل كل طاعة الله ، ويأتي / 289 – ب / بكل خير ، ويأمر بكل عدل {[10360]} .

والثاني : ضرب مثل الإله المعبود الحق بالمعبود الباطل بقوله {[10361]} : { هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل } ، من أتاكم بكل نعمة وكل خير ، ويأمر بكل عدل ، ومن {[10362]} هو{ أبكم لا يقدر على شيء } ، ولا يضر ، ولا ينفع ، ولا يجيب ، وهو عيال على من يعبده ، ويخدمه . هل يستوي هذا مع ذلك ؟ لا يستويان مثلا البتة . غير أن المثل ههنا ضرب بالذي لا ينطق بالحق ، ولا يأمر بالعدل الذي يأمر بالعدل . ذكر مقابل الأبكم الذي لا يأمر بالعدل .

وفي الأول ضرب المثل الذي لا يملك الإنفاق بالذي يملك الإنفاق .

وقوله تعالى : { وهو على صراط مستقيم } ، أي : هو على الحق المستقيم ، وهو المعبود بالحق .

قال أبو عوسجة : الكل العيال ، وكذلك قال غيره من أهل الأدب . وقال بعضهم : الكل : الفقير ، وهو واحد . والأبكم : الأخرس ، وهو الذي لا ينطق البتة . وقالوا : { ومن يأمر بالعدل } ، بالتوحيد .


[10360]:أدرج بعدها في الأصل وم: ممن هو ابكم.
[10361]:في الأصل وم: يقول.
[10362]:في الأصل وم: ممن.