الآية : 75 وقوله تعالى : { ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء ومن رزقناه منا رزقا حسنا فهو ينفق منه سرا وجهرا } ، ضرب المثل بهذا من {[10347]} وجهين :
أحدهما : أن من لا يقدر ، لا يملك أن يُنْفِق في الشاهد عندكم ليس كمن يملك ، ويقدر أن ينفق ، فهو كقوله : { هل يستوي الأعمى والبصير } ( الرعد : 16 ) . وكقوله : { مثل الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع } ( هود : 24 ) ، أي : ليس يستوي البصير والأعمى ، والأصم والسميع . فعلى ذلك لا يستوي من يملك الإنفاق والإنعام على الخلق ، وهو المعبود الحق ، ومن {[10348]} لا يملك ذلك ، وهو المعبود الباطل .
والثاني : ضرب مثل المؤمن والكافر : إن الكافر لا ينفق ما أنعم عليه من المال في طاعة الله ( ولا في خيراته ) {[10349]} ، والمؤمن ينفق ما أنعم عليه وأُعطي ، في طاعة الله وخيراته . فليسا بسواء : من أنفق في طاعة الله كمن لا ينفق شيئا :
أحدهما : يكون ضرب مثل الإله الحق والمعبود الحق بالمعبود الباطل .
والثاني : يكون ضرب {[10350]} مثل المؤمن بالكافر .
أحدها : أن القدرة لا تفارق الفعل حين {[10351]} قال : { عبدا مملوكا لا يقدر على شيء } ، ثم قال : { ومن رزقناه منا رزقا حسنا فهو ينفق منه } ، جعل مقابل الفعل القدرة . فلو كانت تفارق الفعل لكان ذكر مقابل القدرة منها ، أو {[10352]} مقابل الفعل فعلا مثله . فلما ذكر مقابل القدرة الفعل ، دل {[10353]} أنها لا تفارق الفعل .
والثاني{[10354]} : أن العبد لا يملك حقيقة الملك حين{[10355]} ذكر : { عبدا مملوكا لا يقدر على شيء } وإن قدر ما يملك ، إنما يملك بإذن من له الملك . وكذلك الخلائق كلهم ، لا يملكون حقيقة الإملاك ، إنما حقيقة الملك في الأشياء لله ، وإن قدر ما يملكون إنما يملكون بالإذن على قدر ما أذن لهم .
والثالث {[10356]} : أن العبد لا يملك الإنفاق والتصدق حين {[10357]} قال : { عبدا مملوكا لا يقدر على شيء } ، ثم قال في من يملك : { ومن رزقناه منا رزقا حسنا فهو ينفق } ، دل أنه لا يملك العبد الإنفاق والهبة .
وقوله تعالى : { هل يستوون } مثلا ، { الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون } ، قال بعضهم : ذكر الحمد لله على إثر ما ذكر أنه {[10358]} عرف رسوله النعم وأنواع المنافع ، ثم عرفه على إثر ذلك الحمد . وقال بعضهم : الحمد ثناء ؛ أخبر أن أكثرهم ، لا يعلمون ( حمد الله وثناءه ) {[10359]} .
وقوله تعالى : { ومن رزقناه منا رزقا حسنا } ، أي : من أوليائنا أو من أولياء ديننا ، وذلك جائز سائغ في اللغة .
ثم قوله تعالى : { لا يعلمون } ، يحتمل نفي العلم عنهم لما لم ينتفعوا بما علموا ، أو على حقيقة النفي لما لم ينظروا في الآيات والحجج ، ولم يتأملوا فيها ، فلم يعلموا ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.