الآية55 : وقوله عز و جل : { وربك أعلم بمن في السماوات والأرض } يحتمل ما ذكرنا أنه أعلم بمصالحهم ومفاسدهم وما يسرون وما يعلنون ) ){[10978]} .
ويحتمل غير هذا جوابا لقوله{[10979]} : { وربك أعلم بمن في السماوات والأرض } وقوله : { الله أعلم حيث يجعل رسالته }( الأنعام : 124 ) .
يقول : والله أعلم ؛ { وربك أعلم بمن في السماوات والأرض }أي أعلم بمن يصلح للنبوة والرسالة وبمن لا يصلح ، ومن هو أهل لها ، أو يقول : { وربك أعلم بمن في السماوات والأرض } أي على علم بما يكون منهم ، أنشأهم لا عن جهل ، أو { أعلم } بهم أنفسهم ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض } مثل هذا لا يكون في نازلة . لكنه يذكر النازلة التي عندها نزلت . ثم اختلف في ما ذكر من تفصيل بعضهم على بعض .
قال بعضهم : { ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض }إنه أعطى كلا{[10980]} شيئا ، لم يعط غيره من نحو ما ذكر أنه كلم موسى ، واتخذ إبراهيم خليلا ، وأعطى عيسى إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص ، وهو روح منه ، وكلمته ، وأعطى سليمان ملكا ، لا ينبغي لأحد من بعده ، وأعطى داوود زبورا ، وأعطى سيدنا محمدا أن بعثة إلى الناس كافة ، وغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، ومََثَّلُه .
وقال بعضهم : فضل بعضا على بعض في الدرجة والمنزلة والقدر عنده .
فالأول : يكون التفضيل في الآيات والحجج ، والثاني : في أنفسهم في المنزلة والقدر ؛ ويحتمل ما ذكر من تفصيل بعض على بعض في الآيات والحجج ، ويحتمل في كثرة الأتباع يفضل بعضهم على بعض بكثرة الأتباع .
والثالث : يفضل بعضهم على بعض في القيام بشكر ما أنعم عليه وبصبر ما ابتلاه به .
وعلى قول المعتزلة لا يكون لأحد فضيلة عند الله إلا باستحقاق منه .
وقوله تعالى : { وآتينا داوود زبورا }جميع كتب الله زبور ، لأن الزبور هو الكتاب . وقد ذكرنا أنا لا ندري لأية نازلة ذكر هذا ، ولا يحتمل ذكر مثله على الابتداء و الائتناف ، لكن فيه أن التفصيل والمنزلة إنما يكون من عند الله ، ومن عنده يستفاد ، لا بتدبير من أنفسهم واستحقاق حين{[10981]} قال : { انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا }( الإسراء : 21 )لئلا يرى أحد الفضل والمنزلة لنفسه بأسباب منه ، ولكن من عند الله .
وقال الأصم في قوله : { ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض }يقول{[10982]} : يخاطب به أهل الكتاب : أن أوائلكم كانوا يرون لبعض على بعض فضلا في الدنيوية ، ثم إن أولئك المفضلين كانوا يتبعون لما رأوا لهم من الفضل والخصوصية ، فما بالكم يا أهل مكة لا تتبعون محمدا ( وأنتم ترون له ){[10983]} فضائل وخصوصية ما لا ترون ذلك لأنفسكم ولا لأحد سواه ، أو كلاما{[10984]} نحو هذا ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.