تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{۞وَٱلۡوَٰلِدَٰتُ يُرۡضِعۡنَ أَوۡلَٰدَهُنَّ حَوۡلَيۡنِ كَامِلَيۡنِۖ لِمَنۡ أَرَادَ أَن يُتِمَّ ٱلرَّضَاعَةَۚ وَعَلَى ٱلۡمَوۡلُودِ لَهُۥ رِزۡقُهُنَّ وَكِسۡوَتُهُنَّ بِٱلۡمَعۡرُوفِۚ لَا تُكَلَّفُ نَفۡسٌ إِلَّا وُسۡعَهَاۚ لَا تُضَآرَّ وَٰلِدَةُۢ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوۡلُودٞ لَّهُۥ بِوَلَدِهِۦۚ وَعَلَى ٱلۡوَارِثِ مِثۡلُ ذَٰلِكَۗ فَإِنۡ أَرَادَا فِصَالًا عَن تَرَاضٖ مِّنۡهُمَا وَتَشَاوُرٖ فَلَا جُنَاحَ عَلَيۡهِمَاۗ وَإِنۡ أَرَدتُّمۡ أَن تَسۡتَرۡضِعُوٓاْ أَوۡلَٰدَكُمۡ فَلَا جُنَاحَ عَلَيۡكُمۡ إِذَا سَلَّمۡتُم مَّآ ءَاتَيۡتُم بِٱلۡمَعۡرُوفِۗ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٞ} (233)

الآية 233 وقوله تعالى : { والوالدات يرضعن أولادهن } [ قال بعضهم : هن المطلقات { يرضعن أولادهن }{[2775]} ، وهو كقوله تعالى : { فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن } [ الطلاق : 6 ] ، ذكر ههنا الأجر ، وذكر هناك الرزق والكسوة ، وهما واحد ، وقال آخرون : لا ؛ ولكن قوله : { والوالد يرضعن أولادهن } : هن{[2776]} المنكوحات ، وقوله : { فإن أرضعن لكم فأتوهن أجورهن } [ الطلاق : 6 ] : هن المطلقات . دليل ذلك الأجر في أحدهما وذكر {[2777]} الرزق والكسوة في الأخرى ، على أن المنكوحة إذا استؤجرت على رضاع ولدها منه ، ويستوجب قبل الزوج الرزق والكسوة ، فدل هذا على أن ذكر الأجر في المطلقات وذكر الرزق والكسوة في المنكوحات . فإن قيل : ما فائدة ذكر الرزق والكسوة في المنكوحات في الرضاع ؟ وقد يستوجب ذلك في غير الراضع ؟ قيل : فائدة ذكر الرزق والكسوة فيه ، والله أعلم ، لأنها تحتاج إلى فضل طعام وفضل كسوة لمكان الرضاع ، ألا ترى أن لها أن تفطر لذلك ؟ فثبت أن لها فضل حاجة في حال الرضاع ما لا تقع لها تلك الحاجة في غير حال الرضاع ، فخرج ذكر الرزق والكسوة فيه ، والله أعلم ، ذكر تلك الزيادة والفضل ، والله أعلم .

وفي القرآن أن مؤنة الرضاع على الأب من أوجه : أحدهما : قوله تعالى : { وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى } [ الطلاق : 6 ] ، والثاني : قوله [ عز وجلا ]{[2778]} : { وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف } ، والثالث : قوله [ تعالى ]{[2779]} : { لمن أراد أن يتم الرضاعة } فثبت أنه حق على الولد إلى أن ذكر فيه إيتاء الآخر .

وفيه دلالة على أن شرط الطعام والكسوة للظئر يجوز بقوله : { وعلى المولود رزقهن وكسوتهن } غير أن الكسوة لا تجوز إلا بإعلام الجنس ، والطعام يجوز ؛ لأن الظئر لا تكسى كسوة الأهل ، وتطعم طعامهم ، فلا بد في الكسوة ليست بذات{[2780]} غاية تعرف ، فاحتيج{[2781]} إلى ذكر الجنس ليقع في حد قرب المعرفة والعلم . أما الطعام فهو ذو غاية عند الناس غير متفاوت ولا متفاضل عندهم ، لذلك جاز هذا ، ولم يجز الآخر إلا أن يعلم الجنس ، فإذا أعلم الجنس فحينئذ يصير عندهم كالطعام ، والله أعلم .

قال الشيخ ، رحمه الله ، ( يدل على جوازه قوله : { وعلى الوارث مثل ذلك } أي ، والله أعلم ، مثل ما على المولود له ، ويكون ذلك بعد موته . لذلك يجوز شرط الكسوة والطعام في الرضاع ) .

وقوله : { حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة } ليس فيه جعل الحولين شرطا في الرضاع لوجوده :

أحدهما : قوله : { لمن أراد أن يتم الرضاعة } فلو لم يحتمل الزيادة والنقصان لم يكن قوله : { لمن أراد } معنى .

والثاني : الإرادة والقدرة ربما تذكر على غير إرادة وقدرة في الحقيقة ، ولكن على إرادة حقيقة الفعل ، دليله قوله صلى الله عليه وسلم : ( من أراد الحج فليفعل كذا ، ومن استطاع [ أن يفعل ]{[2782]} كذا فيفعل ) [ بنحو أحمد 1/214 ] ليس ذلك على حقيقة{[2783]} القدرة والإرادة . ولكن هذا ، والله أعلم ، على معنى : من فعل كذا فليفعل كذا . فكذلك الأول ليس على حقيقة الإرادة ولكن ذكر تلك لما لم يكن الفعل إلا القدرة وإرادة ، والله أعلم .

والثالث : لا يخلو ال{ حولين } من أن يقدر بالأهلة ، فقد ينتقص عن سنتين ، أو أن يقدر بالأيام ، فقد يزداد على المعروف من الوقت ، فثبت أنه بحيث الاحتمال لما ذكرنا ، إذ يحتمل { لمن أراد } أن يزيد حتى يتم ، أو { لمن أراد } أن يقتصر على التمام . على أن الآية ليست في حق الحرمة ، لكنها في حق الفعل ؛ إذ قد تجب الحرمة لا بحولين . وقد روي عن ابن عباس رضي الله عنه في تأولي قوله : { وحمله وفصلاه ثلاثون شهرا } [ الأحقاف : 15 ] ، [ وقوله ]{[2784]} : { وفصلاه في عامين } [ لقمان : 14 ] [ أنه ]{[2785]} قال : ( إن كان الحمل ستة أشهر ففصاله في عامين ، وإن كان تسعة أشهر فيقدر الباقي ) فدل هذا على أن الحولين ليسا{[2786]} بشرط في الفطام ، ولا وقت له ، ر يجوز الزيادة عليه ولا النقصان ، والله أعلم .

وقوله {[2787]} : { وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف } [ قد ذكرنا أنه قيل بوجهين }{[2788]} ؛ قيل : إنه في المطلقة ، وقيل : إنه في المنكوحة ، وقد دللنا على أنه في المنكوحة ، والله أعلم .

وقوله : { لا تكلف نفس إلا وسعها } قال قوم : قوله{[2789]} { إلا وسعها } إلا ما يسع ، ويحل . لكن هذا ولو كان على ما ذكر لكان بالأمر ويسع ، ويحل ، فكان كأنه قال : لا تكلف إلا ما نكلف ، وذلك لا يكون ، وقال قوم : { إلا وسعها } يعني طاقتها وقدرتها ، وهذا أشبه ؛ ومعناه : لا يكلف الزوج بالإنفاق عليها والكسوة إلا ما يحتمل ملكه ، وإن كانت حاجتها{[2790]} تفضل عما يحتمله ملكه ، لم يفرض عليه إلا ما احتمله [ ملكه ]{[2791]} ، والله أعلم ، كقوله : { لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها } [ الطلاق : 7 ] .

ثم اختلف في تحريم الرضاع في الكبر ؛ قال قوم : يحرم ، ورووا في ذلك أحاديث ، وقال أصحابنا ، رحمهم الله : لا يحرم ، وذهبوا في ذلك إلى آثار رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه صلى الله عليه وسلم سئل عن الرضاع ، فقال : ( ما أنبت اللحم ، وأنشز العظم ) [ أحمد 1/432 ] وفي بعض عنه : [ ( لا يتم بعد حلم ) ، [ البزار 1302 ] و( لا رضاع بعد حلم )و ]{[2792]} ( لا رضاع بعد فصال ){[2793]} [ الطبراني في الصغير 932 ] وروي عن علي بن أبي طالب وابن عباس صلى الله عليه وسلم أنهما قالا : ( لا رضاعه بعد الحولين ) ، وعن علي وابن مسعود رضي الله عنه أنهما قالا : ( لا رضاع بعد الفطام أو الفصال ، الشك منا ) . وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض الأخبار أنه دخل على عائشة رضي الله عنها [ فرأى معها رجلا ، فرات عائشة رضي الله عنها ]{[2794]} الكراهة في وجهه ، فقالت : إنه أخي من الرضاعة أو عمي ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ( انظرن [ من إخوانكن ]{[2795]} ما الرضاعة ؟ /40-ب/ إنما الرضاعة من المجاعة ) [ البخاري 2647 ] وروي عن أبي موسى الأشعري صلى الله عليه وسلم فاتاه ، فقال [ له : أأنت ]{[2796]} تفتني بكذا ؟ ، فقال : نعم ، فقال : كذبت ، أو كلام نحو هذا ، ( إنما الراضعة من المجاعة ) . إلى هذه الأخبار ذهب أصحابنا ، رحمهم الله ، في نفي تحريم الرضاع بعد الفطام وبعد الكبر .

وأصله : أن ينظر ، فإن كان غذاؤه باللبن أو أغلب غذائه فهو ما{[2797]} يحرم ، وإذا كان بالطعام أو غالب غذائه ، فهولا يحرم . وأصله ما ذكر في الخبر : ( ما أنبت اللحم وأنشر العظم ) [ أحمد : 1/432 ] ، فهو يحرم ، فإذا كان غذاؤه بالطعام سوى اللبن ، فالطعام الذي ينبت اللحم ، وينشز العظم ، فلم يحرم .

ثم الأصل بأن كان مذكور على الكمال والتمام ، لا يمتنع عن احتمال الزيادة والنقصان ؛ دليله قوله صلى الله عليه وسلم : ( من أدرك عرفة بليل ، وصلى معنا بجمع{[2798]} ، فقد تم حجه ) [ أبو داود 1949 ] وقوله : ( إذا فعلت هذا فقد تمت حجتك ){[2799]} [ البيهقي في الكبرى 7/257 ] ، وقوله : ( إذا فعلت هذا فقد تمت صلاتك ) [ أبو داود 856 ] ، وصفها بالتمام ، والحرمة باقية .

ثم قذر أبو حنيفة رضي الله عنه الزيادة بسنة أشهر ؛ ذهب في ذلك أن العظام ربما تعترض ، وتعتري في حال ، وهو حال الحر والبرد ، ما لو منع الرضاع منه لأورث هلاك الصبي وتلفه ، لما لم يعود بغيره من الطعام ، ففيه خوف هلاكه ، فإذا كان فيه خوف وهلاكه لما ذكرنا استحسن أبو حنيفة رضي الله عنه إبقاءها بعد الحولين لستة أشهر ؛ إذ على هذين الحالين تدور السنة ، والله أعلم .

وقال زفر بزيادة سنة ؛ ذهب في ذلك إلى أنه لما جاز أن يزاد بالاجتهاد على [ حولين لأشهر{[2800]} جاز أن يزاد بالاجتهاد على ]{[2801]} الحولين لسنة .

قال الشيخ ، رحمه الله تعالى : وعلى ما زيد على المذكور من الحبل مثل أقل وقت الرضاع يزاد على المذكور من الرضاع مثل أقل الحبل ، أول ما احتمل الأقل الانتقال إلى الوسط يحتمل الوسط الانتقال إلى الأكثر ، وذلك في قوله { وحمله وفصلاه ثلاثون شهرا } [ الأحقاف : 15 ] .

وقوله : { لا تضار والدة بولدها } يحتمل وجهين : يحتمل [ { لا تضار والدة بولدها } ]{[2802]} في ترك النفاق عليها ، ويحتمل { لا تضار والدة يولدها } في انتزاع الولد منها ، وهي تريد إمساكه .

وقوله : { ولا مولود له بولده } كذلك يحتمل وجهين : [ يحتمل : لا يضار بوالده بولده في [ عدم ]{[2803]} ردها الولد عليه ورميه إليه بعدما ]{[2804]} ألف الولد الأم ، ويحتمل : لا يضار والوالد{[2805]} في تحميل فضل النفقة عليه ، وملكه لا يحتمل ذلك ، بل إنما يحمل عليه ما احتمله ملكه .

وقوله{[2806]} تعالى : { ولا مولود له بولده } فيه{[2807]} دليل أنه إنما يمسى والدا{[2808]} على المجاز ، ليس على التحقيق ؛ لأنه لم يلد هو ، إنما ولد له ، فثبت أن الرجل يستحق اسم الفعل بفعل غيره ، وكل معمول له [ أن ]{[2809]} يستحق اسم فاعل ، وإن لم يعمل هو ، نحو{[2810]} ما سمي والدا{[2811]} ، وإن لم يلد هو ، وإنما ولد له ، ففيه دلالة أن من حلف لا يعتق ، ولا يطلق ، فأمر غيره ، ففعل ، حنث ، وجعل كأنه هو الفاعل ، والله أعلم .

[ وقوله : { وعلى الوارث مثل ذلك } اختلف في تأويله ]{[2812]} ؛ قال بعضهم : هو معطوف على قوله : { لا تضار والدة بولدها } معناه ألا يضار الوارث أيضا باليتم ، وقال آخرون : هو معطوف على الكل على النفقة والكسوة والمضارة ، وقال غيرهم : هو راجع إلى النفقة والكسوة دون المضارة ، وهو قولنا لوجهين : .

أحدهما : أن نسق الكلام إنما هو على قوله : { وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف } ، فنسقه على حرف { على } أولي من نسقه على حرف { لا } يتضح [ لأنه لو }{[2813]} حمل على قوله : { لا تضار } لكان ما يوازيه من الكلام ، إنما هو الوارث مثل ذلك .

والثاني : أنه لو حمل على إضرار من الوارث بالولد في الميراث لقال : وعلى المورث بحق الميراث ، فلا ضرر يقع فيه ، بل يقع الإنفاق ، فثبت أن حمله عليه أحق .

ثم [ اختلف ]{[2814]} في قوله : { وعلى الموارث } ؛ قال بعضهم : أراد بالوارث الوالد والأم والجد ، ولا يدخل ذو الرحم المحرم فيه ؛ ذهبوا في ذلك إلى ما روي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه أوجب النفقة على العم ، وقال : ( لو لم يبق من العشيرة إلا واحد لأوجب عليه النفقة ) وروي أيضا عن زيد بن ثابت رضي الله عنه [ أنه ]{[2815]} قال في قوله تعالى : { وعلى الوارث مثل ذلك } : ( النفقة على كل ذي الرحم المحرم على قدر مواريثهم ) ، فاتبعنا الصحابة . رضوان الله تعالى عليهم أجمعين ، في ذلك ، وفي الكتاب دليل وجوب النفقة على المحارم [ وهو ]{[2816]} قوله : { ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آباءكم أو بيوت أمهاتكم أو بيوت إخوانكم أو بيوت أخواتكم [ أو بيوت أعمامكم أو بيوت عماتكم أو بيوت أخوالكم أو بيوت خلاتكم أو ما ملكتم مفاتحه ]{[2817]} أو صديقكم ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعا أو أشتات } [ النور : 61 ] ؛ فإنما يأكل بحق لا بالرضا . ألا ترى أنه يأكل من بيت الأجنبي إذا بذل ، ورضي ؟ فلو لم يكن أكله من بيت هؤلاء بحق لم يكن للتخصيص فائدة ؛ فإن عورض بالصديق{[2818]} أنه لا يفرض عليه لانقطعت الصداقة بينهما ، ثم لقائل أن يقول : كيف لا أوجبت النفقة على كل وارث على ظاهر الآية ؟ قيل : الآية مخصوصة بالإنفاق ؛ لأن المرأة وارثة ، ولا تفرض عليها نفقة الزواج ، دل أنه أراد وارثا دون وارث ، وهو الوارث من الرحم المحرم ، والله أعلم .

وقوله : { فإن أراد فصالا عن تراض منهما وتشاورا فلا جناح عليهما } ؛ قيل : فإن أراد الأبوان فصال الصبي وفطامه بدون الحولين ليس لهما إلا بتراضيهما جميعا واتفاقهما على ذلك ، وأما بعد الحولين فإنه إذا أراد أحدهما ، وأما الفصال قبل الحولين ، فصال عن غير تمام ، ذكره الكتاب ، فلا يفضل إلا باجتماعهما واتفاقهما على ذلك ، [ وأما ]{[2819]} ما بعد الحولين فهو{[2820]} على تمام النص ، فجاز ذلك لرأي واحد منهما ، وما قبله لا يجوز إلا لرأيهما جميعا .

وأصله أنه بالحولين قد ظهر التمام والكفاية ، ثم بالنص وما دونه يعلم بالاجتهاد . وعند التنازع يؤول{[2821]} موضع بيان الصواب قربا{[2822]} إلى الحد المذكور ، مع ما في القرآن للتمام ذكر إرادة الفرد ، وللفصل{[2823]} التشاور ، والله أعلم .

ثم إن الزوجين يحكمان على{[2824]} أنفسهما برضاع ولدهما ؛ لذلك [ لا يحتاج ]{[2825]} إلى نظير غيرهما ولا إلى رأي أخر ، لما لا يجوز أن يعدم شفقتهما جميعا عن ولدهما ، وأما إذا كان الحكم لغيرهما أو على غيرهم فلا بد من أن يحكم غيرهما{[2826]} . دليله قوله تعالى : { يحكم به ذو عدل منكم } [ المائدة : 95 ] ، وقوله{[2827]} : { فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها } [ النساء : 35 ] ؛ فهذا الحكم على غيرهما ، ولذلك احتج على غيرهما ، وذلكما{[2828]} الزوجان يحكمان على أنفسهما ، وينظران لولدهما ، لذلك افترقا ، والله أعلم .

والجناح والحرج واحد ، وهو الضيق ، ومعناه : لا{[2829]} ضيق ، ولا تبعة عليهما ، ولا إثم إذا أرادا فطامه بعد الحولين .

وقوله تعالى : { وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم فلا جناح عليكم } فيه جواز الرضاعة بعد الحولين ، وحرمته : لأنه ذكر في قوله تعالى : { فإن أرادا فصالا } بتراضيهما بدون الحولين ، إذ كر الرضاع في الحولين بقوله : { لمن أراد أن يتم الرضاعة } ، وذكر الفصال بدون الحولين بقوله : { فإن أراد فصالا عن تراض منهما وتشاور } ، فحصل قوله : { وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم } بعد الحولين . وهذا [ يؤيد قول أبي ]{[2830]} حنيفة رضي الله عنه ويقوي مذهبه . ويحتمل أن تكون الآية في استرضاع غير الأمهات إذا أبت الأم إرضاعه ، وهو كقوله : { وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى } [ الطلاق : 6 ] .

وقوله تعالى : { وإذا سلمتم } يعني إذا سلمتم الأمر لله تعالى( ما آتيتم بالمعروف } أي قلبتم ، ليس هو على الإيتاء ، ولكن على القبول . دليل ذلك قوله تعالى : { فغن وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم } [ التوبة : 5 ] . فعلى ذلك الأول /41-/ { وآتيتم } أي أقبلتم إيتاء ما عهدوا ، وهو الأجر . وقد يكون { ما آتيتم } عقدتم [ عقد الإيتاء ؛ إذ ]{[2831]} الإيتاء هو الإعطاء والعطية ، عقدتم التسليم عليه . وذلك دليل لقول من يفرق بين قوله : أعطيتني كذا ، ولم أقبضه ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { واتقوا الله } فيما{[2832]} أمركم من الإنفاق والكسوة ، ونهاكم عن{[2833]} إضرار أحدهما صاحبه .

وقوله تعالى : { وأعلموا أن الله بما تعملون بصير } هو{[2834]} وعيد على ما سبق من الأمر والنهي .


[2775]:من ط ع وم، ساقطة من الأصل.
[2776]:في النسخ الثلاث: من.
[2777]:في النسخ الثلاث: و.
[2778]:من ط ع.
[2779]:من ط ع.
[2780]:في النسخ الثلاث: بذي.
[2781]:في ط ع: فاحتج.
[2782]:من ط ه وم، في الأصل: سبيلا.
[2783]:من ط ع، في الأصل وم: إرادة.
[2784]:ساقطة من النسخ الثلاث.
[2785]:ساقطة في النسخ الثلاث.
[2786]:في النسخ الثلاث: ليس.
[2787]:في ط ع: وقد ذكرنا أن قوله.
[2788]:في ط ع: يحتمل وجهين.
[2789]:ساقطة من ط ع.
[2790]:من ط ع، في الأصل وم: حاجتهم.
[2791]:من ط ع وم.
[2792]:من ط ع.
[2793]:من ط ع، في الأصل وم ك الفصال.
[2794]:من ط ع وم.
[2795]:من ط ع.
[2796]:من ط ع، في الأصل وم: أنت.
[2797]:في ط ع، لا، ساقطة من م والأصل.
[2798]:من ط ع، في الأصل وم: يجمع.
[2799]:من ط ع وم، في الأصل حجه.
[2800]:من م، في ط ع: أشهر.
[2801]:من ط ع وم، ساقطة من الأصل.
[2802]:من ط ع، في الأصل وم: لا تضار الوالدة.
[2803]:ساقطة من الأصل وم.
[2804]:من الأصل وم، في ط ع: ويحتمل.
[2805]:من ط ع، في الأصل وم: الوالدة.
[2806]:في ط ع: وفي قوله.
[2807]:ساقطة من ط ع.
[2808]:في النسخ الثلاث: والد.
[2809]:ساقطة من النسخ الثلاث.
[2810]:من ط ع، في الأصل وم: يحق.
[2811]:في النسخ الثلاث: والد.
[2812]:في ط ع: ثم اختلف في تأويل قوله {وعلى الوارث مثل ذلك}.
[2813]:في النسخ الثلاث: أن.
[2814]:من ط ع.
[2815]:ساقطة من ط ع.
[2816]:ساقطة من النسخ الثلاث.
[2817]:في الأصل وم: إلى قوه.
[2818]:من ط ع وم، في الأصل: بالتصديق.
[2819]:من ط ع، في الأصل وم: و.
[2820]:في النسخ الثلاث: هو.
[2821]:في النسخ الثلاث: يزول.
[2822]:في الأصل: قبر، في ط ع: فبر، ساقطة من م.
[2823]:من ط ع، وفي الأصل وم: والفصل.
[2824]:من ط ع وم، في الأصل: عن.
[2825]:في النسخ الثلاث: يحتج.
[2826]:في النسخ الثلاث: غيره.
[2827]:في النسخ الثلاث: وكقوله.
[2828]:في النسخ الثلاث: وذلك.
[2829]:من م، في الأصل و ط ع: أي لا.
[2830]:في الأصل وم: بدل لأبي، في ط ع بدل لقول لأبي.
[2831]:من ط ع وم، ساقطة من الأصل.
[2832]:في ط ع: أي فيما.
[2833]:في النسخ الثلاث: من.
[2834]:في ط ع: وهو.