قوله تعالى : { والوالدات يُرْضِعْنَ أولادهن حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ } ، يعني سنتين كاملتين ، { لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرضاعة } ، يعني أن يكمل الرضاعة . فإن قيل : لما ذكر الحولين ، فما الحاجة إلى الكاملين ؟ قيل له : هذا للتأكيد ، لأن بعض الحولين يسمى حولين ، كما قال في آية أخرى : { الحج أَشْهُرٌ معلومات فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الحج فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الحج وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ الله وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب } [ البقرة : 197 ] ، وإنما هي شهران وعشرة أيام . فهاهنا لما ذكر الحولين الكاملين ، علم أنه أراد الحولين بغير نقصان .
ثم قال تعالى : { وَعلَى المولود لَهُ رِزْقُهُنَّ } ، أي على الأب أجر الرضاع ونفقة الأم ؛ { وَكِسْوَتُهُنَّ بالمعروف } ، أي على قدر طاقته . { لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا } ، يعني لا يجب على الأب من النفقة والكسوة إلا مقدار طاقته . { لاَ تُضَارَّ والدة بِوَلَدِهَا } يقول : لا ينزع الولد من الأم لكونها أحق بولدها من غيرها . قرأ ابن كثير وأبو عمرو : { وَلاَ تُضَارَُّ } بضم الراء على معنى الخبر تبعاً لقوله : { لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا } ، ولفظه لفظ الخبر والمراد به النهي ، وقرأ الباقون : بالنصب على صريح النهي . { وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ } ، يعني الأب لا يضار بالولد ، فتطرح الأم الولد إليه بعدما عرفت أنه لا يقبل ثدي غيرها ، فلا يجوز لها أن تفعل ذلك . ويقال : { وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ } يعني إذا كان الأب يجد ظئراً أرخص من الأم ؛ والأم أبت أن ترضع إلا بأجر كثير ، فإن الأب لا يجبر على ذلك ، وله أن يدفع إلى ظئر أخرى .
قال تعالى : { وَعَلَى الوارث مِثْلُ ذلك } ، يعني إذا مات الأب وله وارث سوى الأب ، فعلى وارث الصبي مثل ما على الأب . ويقال : على وارث الأب لا يضارها ولا تضاره . ويقال مثل ذلك ، يعني الكسوة الرزق في رضاع الصبي ونفقته . { فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً } ، أي فطاماً { عَن تَرَاضٍ مّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ } ، يعني الأب والأم دون الحولين . ويقال : بعد الحولين . { فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا } إن لم يرضعاه سنتين ، أي لا حرج عليهما . { وَإِنْ أَرَدتُّمْ أَن تَسْتَرْضِعُواْ أولادكم } ، يعني أن تأخذوا ظئراً لأولادكم ، إذا أرادت الأم النكاح ؛ { فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُم } ما أتيتم بالمعروف ، يعني لا إثم عليكم إذا أعطيتم الظئر { مَّا آتَيْتُم بالمعروف } ، ما أعطيتم بما تعرفونه . ويقال : أعطيتم ما شرطتم لهن .
ثم خوفهما في الإضرار ، فقال تعالى : { واتقوا الله } ، يعني الأبوين فلا يضار واحد منهما لصاحبه . { واعلموا أَنَّ الله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } من الإضرار فيجازيكم به . قرأ ابن كثير : «مَا أَتَيْتُمْ » بغير مد ، يعني ما جئتم وفعلتم ؛ وقرأ الباقون بالمد ، يعني ما أعطيتم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.