الآية 239 وكذلك قوله : { فإن خفتم فرجالا وركبانا } ليس فيه أن ذلك في الصلاة ، لكنهم صرفوا إليها ذلك ، لأنه ذكر على إثر ذكر الصلاة . ثم اختلف فيه : قولوا : ركبانا على الدواب حيث ما توجهت بهم الدواب يصلون عليها في حال السير والوقوف . وعلى ذلك جاءت الآثار من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وفعل الصحابة ، رضوان الله تعالى عليهم أجمعين ، في النوافل ، فتكون الفرائض عند العذر به مرادة بالآية ، [ بل ]{[3033]} على ما ظهر فعل النوافل في غيره بالسنة .
وأما قوله : { فرجالا } فمما اختلف فيه ؛ قولهم{[3034]} : ما يكون { فرجالا } فمشاة ، هو من الرجل ، وترجل مشى راجلا .
وأما عندنا فهو على المعروف من الصلاة على الأرجل والأقدام قياما وقعودا ، لا يزال عن الظاهر والمعروف الذي عرف الفعل به على ما عرف من الصلاة على الأرجل ، وقوله : { أو ركبانا } على ما عرف من الركوب ، وهو في حال السير ؛ ولم نر الصلاة تقوم مع المشي فيها . فإن قيل : صلاة الخوف فيها مشي ، فقامت . قيل إن المشي في فعل الصلاة لأنهم في الوقت الذي يمشون لا يفعلون فعل الصلاة ، وهو كما يقول : إن الصلاة لا تقوم مع الحدث . فإن أحدث فيها ، فذهب ليتوضأ ، ليسهو في وقت الحدث مصليا{[3035]} ، وإن بقي{[3036]} في حكم الصلاة . فعلى ذلك المشي{[3037]}في الصلاة ، ليس هو في فعل الصلاة ، وإن كان باقيا على حكم الصلاة ، والله أعلم .
وقوله : { فإذا أمنتم فاذكروا الله كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون } : [ يحتمل أن يصرف قوله ]{[3038]} : { فاذكروا } إلى الصلاة ؛ أي صلوا كما علمكم أن تصلوا في حال الأمر ، ويحتمل أن يصرف إلى غيره من الأذكار كقوله تعالى : { ولذكر الله أكبر } [ العنكبوت : 45 ] ، ويحتمل أن يصرف إلى الشكر ؛ أي اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم ، واشكروها بي كقوله تعالى : { فاذكروني أذكركم } [ البقرة : 152 ] ، والله أعلم .
وفي قوله : { علم الإنسان ما لم يعلم } [ العلق : 5 ] وقوله : { علم القرآن } [ الرحمن : 2 ] { وعلمه البيان } [ الرحمن : 4 ] دليل أن الله صنع فعل{[3039]} البعاد حين أضاف التعليم إلى نفسه ، وهو أن خلق فهل التعلم منه ؛ إذ لو يكن منه صنع لكان أضاف{[3040]} ذلك [ إلى ]{[3041]} المعلم دون البيان ، فدلت{[3042]} إضافته إليه على أن له فيه فعلا{[3043]} ، نعوذ بالله من السرف في القول والزيغ عن الهدى .
قال الشيخ ، رحمه الله تعالى : في قوله : { فاذكروا الله كما علمكم } : من الصلاة في حال الأمن ؛ إذ معلوم تقدم الأمر بالصلاة وتعليم حدودها { وقوموا لله } [ البقرة : 238 ] في الرخصة في التخفيف بحال العذر ، ويحتمل { فاذكروا اله } بشكر إذ{[3044]} آمنتكم كما علمكم من الشكر له في النعم ، وأي ذلك كان فهو الذي علمهم{[3045]} بعد أن كانوا [ غير عالمين ]{[3046]} ، والله أعلم .
ودلت{[3047]} إضافة التعليم في [ هذه الآية ]{[3048]} ، وكذلك في قوله : { علمه البيان } [ الرحمن : 4 ] وقوله : { وما علمناه الشعر } [ يس : 69 ] [ إليه على وجود ]{[3049]} الأسباب من الله تعالى في{[3050]} الأمرين على أن كان من الله تعالى في أحد الأمرين ما ليس منه في الآخر ، ومعنى الأسباب فيهما واحد ، ثبت أنه على خلق فعل التعليم ونفيه ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.