تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{فَإِنۡ خِفۡتُمۡ فَرِجَالًا أَوۡ رُكۡبَانٗاۖ فَإِذَآ أَمِنتُمۡ فَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمۡ تَكُونُواْ تَعۡلَمُونَ} (239)

221

{ فإن خفتم فرجالا أو ركبانا }

المفردات :

فإن خفتم : الخوف ، الفزع من أي مصدر يبعث عليه .

فرجالا : جمع راجل ، أي فصلوا راجلين .

أو ركبانا : جمع راكب ، أي راكبين على الإبل وغيرها مما يركب كالمصفحات والدبابات وغيرها .

المعنى الإجمالي :

فإذا أدركتم الصلاة وأنتم خائفون فلا تتركوها بل صلوا كما استطعتم مشاة أو راكبين ، فإذا زال الخوف عنكم فصلوا الصلاة مستوفية الأركان كما علمتموها ، ذاكرين الله فيها ، شاكرين له ما علمكم إياه وما من به عليكم من نعمة الأمن .

التفسير :

أمر بالله بالصلاة وأوجب أداءها في قنوت وخشوع ، في حالة الصحة والأمن .

والصلات فرض أساسي وركن رئيسي من أركان الإسلام لا يسقط عن الإنسان بالخوف أو المرض أو العجز فلابد من أدائها على أي صورة تيسر للإنسان أداؤها .

فالمريض أحوج إلى دعاء الله والخائف أحوج إلى ذكر الله ، واستمداد الأمن والطمأنينة منه . ومن ثم تجب الصلاة في ميدان القتال والمعركة ، كما ذكر القرآن ذلك في سورة النساء( 289 ) .

أما إذ زاد الخوف وحدث لقتال بالفعل ، فإن المحارب يؤدي الصلاة على أية حالة تيسر له أداؤها .

{ فإن خفتم فرجالا أو ركبانا }

أي إذا اشتد الخوف من عدو أو سبع أو سيل جارف ففي مثل هذه الأحوال يصلي الخائف فردا بلا جماعة ، سواء أكان راجلا أي ماشيا على قدميه ، أم راكبا أي وسيلة من وسائل الركوب ، كالدواب والسيارة والطيارة ، وتكون قبلتها حيثما توجهت دابته أو عربته أو طائرته ولا يلزمه ركوع ولا سجود ، إذا كان هذا يضره ويكفيه عن الإيماء بالرأس بطريقة لا تعرض للتهلكة ولا ينقص عدد ركع صلاة الخوف عن صلاة المسافر ، وهي ركعتان في الرباعية واثنتان في الصبح وثلاث في المغرب .

هكذا قال مالك والشافعي وجماعة من العلماء .

وقال الحسن ابن أبى الخسن وقتادة وغيرهما يصلي ركعة إيماء .

روى مسلم عن بكير ابن الأخنس عن مجاهد ، عن ابن عباس قال : " فرض الله الصلاة على لسان رسوله صلى الله عليه ومسلم في الحضر أربعا وفي السفر ركعتين وفي الخوف ركعة " ( 290 ) .

وضعف هذا الرأي بأن الأخنس انفرد بهذا الحديث ، وليس بحجة عند الانفراد ، والصلات أولى ما يحتاط فيه .

{ فإذا أمنتم فاذكروا الله كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون }

فإذا زال خوفكم ، فصلوا لله صلاة الأمن ، كما علمكم من شأنها ما لم تكونوا تعلمون على لسان نبيه ، حيث عرفتم كيفيتها منه ، ولم يكن لكم علم من قبل .

والكلام جاري مجرى الامتنان من الله عليهم بذلك ، فقد كانوا من قبل يعبدون الأوثان ولا يعرفون عبادة الله .

***