غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{فَإِنۡ خِفۡتُمۡ فَرِجَالًا أَوۡ رُكۡبَانٗاۖ فَإِذَآ أَمِنتُمۡ فَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمۡ تَكُونُواْ تَعۡلَمُونَ} (239)

238

ولا فحذف المفعول به للعلم به أو فإن حصل لكم خوف أو كنتم على حالة الخوف على أنه متروك المفعول { فرجالاً أو ركباناً } أي فصلوا راجلين أو راكبين . وقيل : المعنى فإن خفتم فوات الوقت إن أخرتم الصلاة إلى أن تفرغوا من حربكم فصلوا رجالاً أو ركباناً . وعلى هذا فالآية تدل على تأكيد فرض الوقت حتى يترخص لأجل المحافظة عليه بترك القيام و الركوع والسجود . ورجالاً جمع راجل كقيام جمع قائم وتجار جمع تاجر ، أو جمع رجل يقال : رجل رجل أي راجل . والركبان جمع راكب كفارس وفرسان . ولا يقال راكب إلا لمن كان على إبل ، فإن كان على فرس فإنما يقال له : فارس . لكن المراد في الآية أعم ، وتخصيص اللفظ بالركبان لأنه الغالب فيهم . واعلم أن صلاة الخوف ، إما أن تكون في غير حال القتال وسوف يجيء بيانها في سورة النساء إن شاء الله تعالى ، وإما أن تكون عند التحام القتال وهو المراد بهذه الآية . ومذهب الشافعي أنهم يصلون ركباناً على دوابهم ومشاة على أقدامهم إلى القبلة وإلى غير القبلة ، ويقتصرون من الركوع والسجود على الإيماء إلا أنهم يجعلون السجود أخفض من الركوع ، ويحترزون عن الصيحان ، أنَّه لا ضرورة إليه بل الشجاع الساكت أهيب . وقال أبو حنيفة : لا يصلي الماشي بل يؤخر لأنه صلى الله عليه وسلم أخر الصلاة يوم الخندق . وأجيب بأن الآية ناسخة لذلك الفعل . ويدخل في الخوف المفيد لهذه الرخصة الخوف في القتال الواجب كالقتال مع الكفار أو مع أهل البغي ، وفي القتال المباح كالدفاع عن النفس ، أو عن حيوان محترم ، أو عن المال . أما القتال المحظور فإنه لا يجوز فيه صلاة الخوف لأن الرخص لا تناط بالمعاصي والخوف الحاصل لا في القتال كالهارب من الحرق والغرق والسبع ، وكذا المطالب إذا كان معسراً خائفاً من الحبس عاجزاً عن بينة الإعسار يرخص أيضاً في هذه الصلاة لأن قوله { فإن خفتم } مطلق يتناول الكل { فإذا أمنتم } فإذا زال خوفكم { فاذكروا الله كما علّمكم ما لم تكونوا تعلمون } من صلاة الأمن بقوله { حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى } كما بينه بشروطه وأركانه . والصلاة قد تسمى ذكراً { فاسعوا إلى ذكر الله } وقيل : فاذكروا الله أي فاشكروا الله لأجل إنعامه عليكم بالأمن . وقيل : فاشكروه على الأمن واذكروه بالعبادة كما أحسن إليكم بما علمكم من الشرائع على لسان نبيه . وكيف تصلون في حال الخوف وفي حال الأمن . و " ما " في { كما علمكم } إما مصدرية أو كافة .