فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{فَإِنۡ خِفۡتُمۡ فَرِجَالًا أَوۡ رُكۡبَانٗاۖ فَإِذَآ أَمِنتُمۡ فَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمۡ تَكُونُواْ تَعۡلَمُونَ} (239)

قوله : { فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَانًا } الخوف هو : الفزع ، والرجال : جمع رَجِل ، أو راجل ، من قولهم رجل الإنسان يرجل راجلاً : إذا عدم المركوب ، ومشى على قدميه ، فهو رجل ، وراجل . يقول أهل الحجاز : مشى فلان إلى بيت الله حافياً رجلاً ، حكاه ابن جرير الطبري ، وغيره . لما ذكر الله سبحانه الأمر بالمحافظة على الصلوات ، ذكر حالة الخوف أنهم يضيعون فيها ما يمكنهم ، ويدخل تحت طوقهم من المحافظة على الصلاة بفعلها حال الترجل ، وحال الركوب ، وأبان لهم أن هذه العبادة لازمة في كل الأحوال بحسب الإمكان . وقد اختلف أهل العلم في حدّ الخوف المبيح لذلك ، والبحث مستوفي في كتب الفروع . قوله : { فَإِذَا أَمِنتُمْ } أي : إذا زال خوفكم ، فارجعوا إلى ما أمرتم به من إتمام الصلاة مستقبلين القبلة ، قائمين بجميع شروطها ، وأركانها ، وهو قوله : { فاذكروا الله كَمَا عَلَّمَكُم } وقيل : معنى الآية : خرجتم من دار السفر إلى دار الإقامة ، وهو خلاف معنى الآية . وقوله : { كَمَا عَلَّمَكُم } أي : مثل ما علمكم من الشرائع : { ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ } والكاف صفة لمصدر محذوف أي : ذكراً كائناً كتعليمه إياكم ، أو مثل تعليمه إياكم .

/خ239