وقول تعالى : { فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَانًا . . . } [ البقرة :239 ]
أمر اللَّه تعالى بالقيامِ له في الصلاة بحالة قُنُوت ، وهو الوقار ، والسَّكينة ، وهدوء الجوارحِ ، وهذا على الحالة الغالبَةِ من الأمْن والطُّمأْنينة ، ثم ذكر تعالى حالة الخَوْف الطارئَة أحياناً ، فرخَّص لعبيده في الصَّلاة { رِجَالاً } : متصرِّفين على الأقدام ، و{ رُكْبَانًا } : على الخَيْل ، والإِبل ، ونحوهما إِيماء وإِشارة بالرأس ، حيث ما توجَّه ، هذا قول جميع العلماءِ ، وهذه هي صلاة الفَذِّ الذي قد ضايقه الخَوْفُ على نَفْسه ، في حال المسايفة ، أو مِنْ سَبُعٍ يطلبه ، أو عدو يتبعه ، أو سَيْلٍ يحملُه ، وبالجملة فكلُّ أمرْ يخافُ منْه على رُوحِهِ ، فهو مبيحٌ ما تضمَّنته هذه الآية .
وأما صَلاَةُ الخَوْف بالإِمام ، وانقسام النَّاس ، فليس حكْمُها في هذه الآية ، وسيأتي إِن شاء اللَّه ، في سورة النساء .
والرُّكْبَان : جمع رَاكِبٍ ، وهذه الرخْصَة في ضِمنها ، بإِجماعٍ من العلماء : أن يكون الإنسان حيثُ ما توجَّه ، ويتقلَّب ويتصرَّف بحسب نَظَره في نجاة نَفْسِهِ .
( ت ) وروى أبو دَاوُد في سننه ، ( عن عبد اللَّه بن أُنَيْسٍ ، قال : بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى خَالِدِ بْنِ سُفْيَانَ ، وَكَانَ نَحْوَ عُرَنَةَ وَعَرَفَاتٍ ، قَالَ : اذهب فاقتله ، فَرَأَيْتُهُ وَقَدْ حَضَرْتُ صَلاَةَ العَصْرِ ، فَقُلْتُ : إِنِّي لأَخَافُ أَنْ يَكُونَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ مَا يُؤَخِّرُ الصَّلاَةَ ، فانطلقت أَمْشِيَ ، وَأَنَا أُصَلِّي أُومِئ إِيمَاءً نَحْوَهُ ، فَلَمَّا دَنَوْتُ مِنْهُ ، قَالَ لِي : مَنْ أَنْتَ ؟ قُلْتُ : رَجُلٌ مِنَ العَرَبِ ، بَلَغَنِي أَنَّكَ تَجْمَعُ لِهَذَا الرَّجُلِ ، فَجِئْتُكَ فِي ذَلِكَ ، قَالَ : إِنِّي لَفِي ذَلِكَ ، فَمَشَيْتُ مَعَهُ سَاعَةً حتى إِذَا أَمْكَنَنِي عَلَوْتُهُ بِسَيْفِي ، حتى بَرَدَ ) انتهى . وقد ترْجَم عليه «بَابٌ فِي صَلاَةِ الطَّالِبِ » .
قال : ( ع ) واختلف النَّاس ، كَمْ يصلِّي من الركعات ؟ والذي عليه مالكٌ ، وجماعةٌ ، أنه لا ينقصُ من عدد الركعاتِ شيئاً ، فيصلِّي المسافر ركعتَيْن .
واختلف المتأوِّلون في قوله سبحانه : { فَإِذَا أَمِنتُمْ فاذكروا الله . . . } الآية فقالَتْ فرقةٌ : المعنى إِذا زال خَوْفُكُم ، فاذكروا اللَّه سبحانه بالشُّكْر على هذه النعمة ، وقالتْ فرقة : { اذكروا اللَّه } أي : صَلُّوا كما علمتم صلاةً تامَّة ، يعني فيما يُسْتقْبلُ من الصَّلَوات .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.