تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{قَالَ فَٱذۡهَبۡ فَإِنَّ لَكَ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ أَن تَقُولَ لَا مِسَاسَۖ وَإِنَّ لَكَ مَوۡعِدٗا لَّن تُخۡلَفَهُۥۖ وَٱنظُرۡ إِلَىٰٓ إِلَٰهِكَ ٱلَّذِي ظَلۡتَ عَلَيۡهِ عَاكِفٗاۖ لَّنُحَرِّقَنَّهُۥ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُۥ فِي ٱلۡيَمِّ نَسۡفًا} (97)

الآية 97 : وقوله تعالى : { قال فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس } قال بعضهم : أي لا تزال تقول : لا مساس ، لا تقول غيره عقوبة له وجزاء لصنيعه . وقال بعضهم : { أن تقول لا مساس } لا{[12412]} تمسني ، ولا أمسك ، أي لا تمسني أبدا . أخرجه من بين أظهرهم لما علم موسى /334-أنه .

وقوله تعالى : { وإن لك موعدا لن تخلفه } يحتمل { وإن لك موعدا } لعذابك { لن تخلفه } يحتمل ذلك في الدنيا والآخرة .

وقوله تعالى : { وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا } قوله : { وانظر إلى إلهك الذي } تزعم أنه إله ، / لأن موسى سمى ذلك ، وهو كما قال : { فراغ إلى آلهتهم } [ الصافات : 91 ] التي في زعمهم آلهة .

وقوله تعالى : { ظلت عليه عاكفا } فقوله : { ظلت } يقال بالنهار ، وفي الليل يقال : بات .

وقوله تعالى : { لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم نسفا } في{[12413]} هذا إثبات آية لموسى حين{[12414]} قال { لنحرقنه } والعجل الذي هو من لحم ودم ليس من طبع النار إحراقه ، وكذلك الحلي والذهب والفضة ، ليس من طبع [ النار ] {[12415]} إحراقها حتى تصير رمادا . ولكن من طبعها الإذابة . ثم أخبر أنها{[12416]} محرقة . فدل أنه آية .

وفي قوله { لنحرقنه } لغتان : { لنحرقنه } برفع النون ، وهو التحريق بالنار ، ولنحرقنه{[12417]} بنصب النون وهو القطع بالمبرد . ومن قرأ { لنحرقنه } برفع النون والتشديد يقول : ما كان لحما ودما ، فأحرق بالنار ، وصار رمادا ، ثم نُسف في اليم .

قال أبو معاذ : يا سبحان الله إن كنت أحرقته بالنار فما حاجتك إلى المبرد ؟ لكنه أراد مقاتل أن يجمع القراءتين والتأويلين في قراءة واحدة .

لكنه عندنا لا يجوز أن يكون العجل من لحم ودم في إحدى القراءتين ، وفي الأخرى من الحلي ، لا لحم فيه ، ولا دم ، وتكون القراءتان جميعا منزلتين . وما قاله مقاتل إنه حرق بالنار ، ثم حرق بالمبرد حسن ، لأن النار لا تحرق العجل إذا كان لحما ودما ، ولكنها تذيبه{[12418]} ، فأبرد بالمبرد . فعند ذلك نُسِفَ في اليم .

قال أبو معاذ : تقول العرب : نسفت [ البُرادة أنسفها ] {[12419]} نسفا إذا أخرجتها{[12420]} المنسفة ، فطيرت غبارها{[12421]} . ويقال في المشي : ما زلنا ننسف يومنا كله نسفا أي نمشيه{[12422]} .

وقال أبو عوسجة { لننسفنه } أي لنرمين به { نسفا } أي رميا . والنسف القلع من الأصل . وصرفه : نسف ينسف نسفا . وقال : { لن نبرح عليه عاكفين } [ طه : 91 ] أي لا نزال . [ وقال ]{[12423]} : { لا مساس } أي لا يمسك أحد ، ولا يؤذيك . وقال : { ظلت عليه } لغة سوء ، وإنما هو ظلت ، وظللت .

وروي في حرف ابن مسعود { بصرت بما لم يبصروا به } إذ جاء الرسول { فقبضت قبضة } فألقيتها ، وفي حرف حفصة : إذ مر الرسول . وفي حرف أبي بن كعب : { فإن لك في الحياة } أن لا مساس ، ليس فيه أن تقول ، وفي حرف حفصة : { فإن لك في الحياة } الدنيا { أن تقول لا مساس } وقال بعضهم : تأويله : لا تماس ، ولا يخالطونك .

قال أبو معاذ : المساس مصدر ماسه مساسا ومماسة .

كما يقال : ضاره ضرارا ومضارة ، وساره سرارا ومسارة ، ومن قرأ : لا مساس كان كقيلك : نزال ودراك .

وفي حرف ابن مسعود وأبي { وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا } وانظر كيف يفعل بإلهك { الذي ظلت } .

قوله تعالى : { وكذلك سولت لي نفسي } قال بعضهم : شجعت . وظاهره : زينت لي نفسي .

وقيل : سمي السامري سامريا لأنه كان من قبيلة ، يقال لها : السامرة .

وقول هارون لموسى : { يا بنؤم } وكان أخاه لأبيه وأمه . وقيل : أراد بذلك أن يرفقه عليه ، فيتركه .


[12412]:في الأصل وم: لم.
[12413]:في الأصل وم: وفي.
[12414]:في الأصل وم: حيث.
[12415]:من م: ساقطة من الأصل.
[12416]:في الأصل وم: أنه.
[12417]:انظر معجم القراءات القرآنية ج4/110.
[12418]:في الأصل وم: تذيب.
[12419]:في الأصل وم: البرد أنسفه.
[12420]:في الأصل وم: أخرجت.
[12421]:في الأصل وم: غباره.
[12422]:في الأصل وم: نمشي.
[12423]:ساقطة من الأصل وم.