الآية 154 ( وقوله تعالى : { ثم أنزل عليكم من بعد الغم آمنة نعاسا تغشى طائفة منكم وطائفة قد همتهم أنفسهم } قيل فيه بوجهين : قيل : الطائفة التي أتاها النعاس ، هم المؤمنون سمعوا بانصراف العدو ) {[4514]} عنهم فصدقوا الخبر فناموا لأن الخوف إذا غلب يمنع النوم ، وأما الطائفة التي قد أهمتهم أنفسهم ، هم المنافقون ، لم يصدقوا الخبر ، فلم يذهب عنهم ، فلم ينعسوا وذلك كقوله عز وجل : { يحسبون الأحزاب لم يذهبوا } الآية ، ( الأحزاب : 20 ) وقيل : كانت الطائفتان جميعا من المؤمنين لكن إحداهما قد أتاها النعاس لما آمنوا العدو والأخرى لا ، بعصيانهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وتركهم أمره منع ذلك النوم عنهم ، إن كيف تلقون رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ وكيف تعتذرون إليه ؟ والله أعلم .
وعن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال : ( النعاس في الصلاة من الشيطان في القتال أمنة ) .
وقوله تعالى : { يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية } قيل : { يظنون بالله } ألا ينصر محمدا صلى الله عليه وسلم وأصحابه ذا في غير المؤمنين ، وقيل : { يظنون بالله غير الحق } ظنونا كاذبة إنما هم أهل شرك وريبة في أمر الله { يقولون لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا ههنا } .
وقوله تعالى : { يقولون هل لنا من الأمر من شيء } قيل { يقولون } بعضهم لبعض : { هل لنا من الأمر من شيء } يعني بالأمر النصر والغنيمة . وقيل قالوا ذلك للمؤمنين { قل إن الأمر كله لله } يعني النصر والفتح كله بيد الله { يخفون في أنفسهم ما لا يبدون لك } والذين يخفون قولهم : لو أقمنا في منازلنا { ما قتلنا ههنا } وقيل : { يقولون لو كان لنا من الأمر شيء } قالوا : ليس { لنا من الأمر من شيء } إنما الأمر إلى محمد ( ولو ما ){[4515]} كان الأمر ما خرجنا إلى هؤلاء حتى { قتلنا ههنا }
قال الله عز وجل : { قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم } قيل : { لو كنتم في بيوتكم } كما يقولون لبرز } يعني لخرج من البيوت { الذين كتب عليهم القتل } لظهر الذي كتب عليه ( القتل ) {[4516]} حيث كان ، وقيل : إذا كتب على احد القتل أتاه ، ولو كان في البيت ، ( وهو ){[4517]} كقوله { أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة } ( النساء : 78 ) وقيل متى كتب الله على قوم القتل فلم يموتوا أبدا . وفي هذا بيان الآجال المكتوبة ( وهي ) {[4518]} التي تنقضي بها الأعمار {[4519]} وإن كان ( البيان ) {[4520]} قتلا فقتل وإن كان موتا فموت لا على ما قالت المعتزلة : إن القتل تعجيل عن أجله المكتوب{[4521]} له عليه ، والله أعلم .
وقوله تعالى { وليبتلي الله ما في صدوركم } والابتلاء هو الاستظهار كقوله { يوم تبلى السرائر } ( الطارق 9 ) يبدي ويظهر وذلك يكون بوجهين : يظهر بالجزاء مرة ومرة بالكتاب يعلم الخلق من كانت سريرته حسنة بالجزاء . وكذلك إذا كانت سيئة ويعلم بالكتاب .
وقوله تعالى : { وليبتلي الله ما في صدوركم } مما مضى ، وليجعله لهم { وليمحص ما في قلوبكم } من الذنوب وعن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال : ( الابتلاء والتحميص هما واحد .
وقوله تعالى : { والله عليم بذات الصدور } يقول : هو عالم بما في صدورهم من سرائرهم ولكن يجعلها ظاهرة {[4522]} عندكم ، ويحتمل الابتلاء ههنا الأمر بالجهاد ليعلموا المنافق منهم من المؤمن والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.