والفاء في قوله : { فَذُوقُواْ بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هذا } لترتيب الأمر بالذوق على ما قبله ، والباء في { بما نسيتم } للسببية ، وفيه إشعار بأن تعذيبهم ليس لمجرد سبق القول المتقدّم ، بل بذاك هذا .
واختلف في النسيان المذكور هنا ، فقيل هو النسيان الحقيقي ، وهو الذي يزول عنده الذكر . وقيل : هو الترك . والمعنى على الأوّل : أنهم لم يعملوا لذلك اليوم ، فكانوا كالناسين له الذين لا يذكرونه . وعلى الثاني : لا بدّ من تقدير مضاف قبل لقاء ، أي ذوقوا بسبب ترككم لما أمرتكم به عذاب لقاء يومكم هذا ، ورجح الثاني المبرد وأنشد :
كأنه خارج من جنب صفحته *** سفود شرب نسوه عند مفتأد
أي تركوه ، وكذا قال الضحاك ويحيى بن سلام : إن النسيان هنا بمعنى : الترك . قال يحيى بن سلام : والمعنى : بما تركتم الإيمان بالبعث في هذا اليوم تركناكم من الخير ، وكذا قال السدّي ، وقال مجاهد : تركناكم في العذاب . وقال مقاتل : إذا دخلوا النار . قالت لهم الخزنة : ذوقوا العذاب بما نسيتم ، واستعار الذوق للإحساس ، ومنه قول طفيل :
فذوقوا كما ذقنا غداة محجة *** من الغيظ في أكبادنا والتحوّب
وقوله : { وَذُوقُواْ عَذَابَ الخلد بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } تكرير لقصد التأكيد ، أي ذوقوا العذاب الدائم الذي لا ينقطع أبداً بما كنتم تعملونه في الدنيا من الكفر والمعاصي . قال الرازي في تفسيره : إن اسم الإشارة في قوله : { بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هذا } يحتمل ثلاثة أوجه : أن يكون إشارة إلى اللقاء ، وأن يكون إشارة إلى اليوم ، وأن يكون إشارة إلى العذاب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.