[ سورة سبأ نزلت بمكة ]{[1]}
الآية 1 قوله تعالى : { الحمد لله } قال أهل التأويل : حمِد نفسه بأن صنع إلى خلقه . ثم هو يُخرّج على وجهتين :
أحدهما : على التعليم لخلقه : الحمد له والثناء عليه لآلائه وإحسانه على خلقه ، ما لو لا تعليمه إياهم الحمد له والثناء عليه لم يعرفوا ذلك .
والثاني : حمد نفسه لما لم ير في وُسع الخَلق القيام{[16881]} بغاية الحمد له والثناء عليه على آلائه وأياديه ، فتولّى ذلك بنفسه ، وهو ما ذكر في قوله : { صلّوا عليه وسلّموا تسليما } [ الأحزاب : 56 ] فقالوا : [ قد عرفنا السلام عليك ، فكيف الصلاة عليك ؟ فقال ]{[16882]} : ( أن تقولوا : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ) [ البخاري : 3370 ] إلى آخره . فهذا تفويض الصلاة على الله ، والدعاء له أن يصلي هو عليه دونهم .
فهو ، والله أعلم ، كأنه لم ير فيهم وُسع القيام بحقيقة الصلاة عليه ولا بغاية الثناء ، فأمرهم أن يفوّضوا ذلك إليه ليكون هو القاضي لذلك عنهم .
فعلى ذلك الحمد له . [ وأصل الحمد ]{[16883]} هو الثناء عليه بجميع محامده وإحسانه بأسمائه الحسنى ، والشكر له على جميع نعمائه وآلاته .
وقوله تعالى : { الذي له ما في السماوات وما في الأرض } كأنه قال ، والله أعلم : الحمد لله الذي له ملك السماوات والأرض ، وهو المستحق لذلك لا الأصنام التي عبدتموها ، وسمّيتموها آلهة .
وقوله تعالى : { وله الحمد في الآخرة } قال بعضهم : { وله الحمد في الآخرة } أي يحمده أهل الجنة إذا دخلوا الجنة كقوله : { الحمد لله الذي هدانا لهذا } . [ الأعراف : 43 ] وقوله : { الحمد لله الذي صدقنا وعده } [ الزمر : 74 ] وقوله : { الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن } [ فاطر : 34 ] ، ونحوه ، يحمده أولياؤه في الآخرة ، ويحمده أولياؤه في الأولى كقوله : { له الحمد في الأولى والآخرة } [ القصص : 70 ] .
وجائز أن يكون قوله : { وله الحمد في الآخرة } أي له الحمد في إنشاء الآخرة لأن إنشاء الدنيا وما فيها ، إنما كان حكمة بإنشاء الآخرة . ولم لم يكن إنشاء الآخرة لكان خلق ذلك كله عبثا باطلا . فإنشاء الآخرة حين صار إنشاء الدنيا وما فيها من الخلائق حكمة . فأخبر أن له الحمد على إنشائه ما صار له إنشاء الدنيا حكمة ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { وهو الحكيم الخبير } قد تقدّم معنى الحكيم والخبير في غير موضع ، وهو الذي لا يلحقه الخطأ في التدبير ، وهو الواضع كل شيء موضعه .
والفلاسفة يقولون : الحكيم هو الذي يجمع العلم والعمل{[16884]} جميعا ، وهو ما ذكرنا ، أو الحكيم لما أحكم كل شيء ، وأتقنه حتى شهد كل شيء على وحدانيته ، ودل على إلهيته .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.