تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَجَزَـٰٓؤُاْ سَيِّئَةٖ سَيِّئَةٞ مِّثۡلُهَاۖ فَمَنۡ عَفَا وَأَصۡلَحَ فَأَجۡرُهُۥ عَلَى ٱللَّهِۚ إِنَّهُۥ لَا يُحِبُّ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (40)

الآية 40 وقوله تعالى : { وجزاء سيئةٍ سيئةٌ مثلها } سمّى الثانية سيئة ، وإن لم تكن في الحقيقة سيئة لأنها جزاء السيئة ، فسماها باسم الأولى ، أو سمّاها سيئة لأنه لو لم تكن الأولى كانت السيئة ثانيا أيضا ، فسماها على ما هو في نفسها من باب الإضرار والضرر سيئة في نفسه ، وإن كان حسنا لغيره ، والله أعلم .

ويشبه أن يكون سمّاها بما ذكر لاختلاف الأحوال : هي عند الذي يقبض منه ، ويجازي بها سيئة ، وتلك الحال عنده سيئة ، وهي كقوله تعالى : { وبلوناهم بالحسنات والسيئات } [ الأعراف : 168 ] سمى حالة الضيق والشدة سيئة ، لأنها عندهم سيئة ، وحالة السعة والرخاء حسنة ، لأنها عندهم حسنة ، وإن لم تكن تلك الحال في الحقيقة سيئة . لكنه سمّاها سيئة على ما عندهم .

فعلى ذلك جائز أنه سمّى الثانية سيئة لما هي عند المفعول به سيئة ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { فمن عفا وأصلح فأجره على الله } هو ما ذكرنا أنه ، وإن جعل لهم حق الاستيفاء والانتصار ، العفو عن ذلك ، أفضل .

ثم فيه دلالة ألا يُجمع بين العفو وأخذ البدل إذا لم يكن من الآخر الرضا بذلك لأنه قال : { فمن عفا وأصلح فأجرُه على الله } أخبر أنه إذا عفا عنه يكون أجره على الله ، فليس له أن يأخذ من المعفُوّ عنه شيئا ، والله أعلم .

فهو ينقض على من يقول بأنه يأخذ البدل من الجاني شاء أو أبى ، وأن يعفو عنه ، ويأخذ البدل ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { إنه لا يحب الظالمين } لأنه لا يحب الظلم ، والظلم هو وضع الشيء في غير موضعه . فمن أخذ ما ليس له أخذه ، فهو ظالم .

الآية 41 وقوله تعالى : { ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل } أي أولئك ما عليهم من تبِعة .