فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَلَا يَمۡلِكُ ٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ مِن دُونِهِ ٱلشَّفَٰعَةَ إِلَّا مَن شَهِدَ بِٱلۡحَقِّ وَهُمۡ يَعۡلَمُونَ} (86)

{ وَلاَ يَمْلِكُ الذين يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الشفاعة } أي لا يملك من يدعونه من دون الله من الأصنام ، ونحوها الشفاعة عند الله كما يزعمون أنهم يشفعون لهم . قرأ الجمهور { يدعون } بالتحتية ، وقرأ السلمي ، وابن وثاب بالفوقية { إِلاَّ مَن شَهِدَ بالحق } أي التوحيد { وَهُمْ يَعْلَمُونَ } أي هم على علم ، وبصيرة بما شهدوا به ، والاستثناء يحتمل أن يكون متصلاً ، والمعنى : إلا من شهد بالحق ، وهم : المسيح وعزير والملائكة ، فإنهم يملكون الشفاعة لمن يستحقها .

وقيل : هو منقطع ، والمعنى : لكن من شهد بالحق يشفع فيه هؤلاء ، ويجوز أن يكون المستثنى منه محذوفاً ، أي لا يملكون الشفاعة في أحد إلا فيمن شهد بالحق . قال سعيد بن جبير وغيره : معنى الآية : أنه لا يملك هؤلاء الشفاعة إلا لمن شهد بالحق ، وآمن على علم ، وبصيرة . وقال قتادة : لا يشفعون لعابديها ، بل يشفعون لمن شهد بالوحدانية . وقيل : مدار الاتصال في هذا الاستثناء على جعل الذين يدعون عاماً لكل ما يعبد من دون الله ، ومدار الانقطاع على جعله خاصاً بالأصنام .