فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَلَا يَمۡلِكُ ٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ مِن دُونِهِ ٱلشَّفَٰعَةَ إِلَّا مَن شَهِدَ بِٱلۡحَقِّ وَهُمۡ يَعۡلَمُونَ} (86)

{ ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة إلا من شهد بالحق وهم يعلمون( 86 ) } .

ما للظالمين من شفيع ولا حميم يطاع ، وما تغني عن المشركين آلهتهم التي يدعون من دون الله من شيء كما زعموا أنهم شفعاؤهم عند الله عز وجل ، لكن من شهد بالحق منهم على علم يؤذن له : { لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا }{[4382]} .

يقول القرطبي : أراد ب{ الذين يدعون من دونه } عيسى وعزيرا والملائكة ، والمعنى لا يملك هؤلاء الشفاعة إلا لمن شهد بالحق وآمن على علم وبصيرة . . وقيل إنها نزلت بسبب أن النضر بن الحارث ونفرا من قريش قالوا : إن كان ما يقول محمد حقا فنحن نتولى الملائكة وهم أحق بالشفاعة لنا منه ، فأنزل الله : { ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة إلا من شهد بالحق } أي : اعتقدوا أن الملائكة أو الأصنام أو الجن أو الشياطين تشفع لهم ، ولا شفاعة لأحد يوم القيامة . . قيل . . { إلا } بمعنى لكن ، أي لا ينال المشركون الشفاعة لكن ينال الشفاعة من شهد بالحق ، فهو استثناء منقطع . . قوله تعالى : { إلا من شهد بالحق وهم يعلمون } يدل على معنيين : أحدهما-أن الشفاعة بالحق غير نافعة إلا مع العلم ، وأن التقليد لا يغني مع عدم العلم بصحة المقالة ؛ والثاني- أن شرط سائر الشهادات في الحقوق أن يكون الشاهد عالما بها ؛ ونحوه ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا رأيت مثل الشمس فاشهد وإلا فدع ) . اه .


[4382]:سورة النبأ. من الآية 38.