تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصۡوَٰتَهُمۡ عِندَ رَسُولِ ٱللَّهِ أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ ٱمۡتَحَنَ ٱللَّهُ قُلُوبَهُمۡ لِلتَّقۡوَىٰۚ لَهُم مَّغۡفِرَةٞ وَأَجۡرٌ عَظِيمٌ} (3)

الآية 3 وقوله تعالى : { إن الذين يغُضّون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى } دلّت هذه الآية أن الآيتين اللتين تقدّم ذكرهما من قوله تعالى : { لا تقدّموا بين يدي الله ورسوله } وقوله عز وجل : { لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي } وقوله تعالى : { ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض } دلّت هذه الآية أن الآيتين اللتين تقدم ذكرهما من قوله تعالى : { لا تقدّموا بين يدي الله ورسوله } وقوله عز وجل : { ولا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبيّ } وقوله تعالى : { ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض } في أهل النفاق .

فأما أصحابه الذين صحِبوه ، وآمنوا به ، عرفوا أنه [ رسول ]{[19641]} رب العالمين ، فلا يُحتمل أن يكون منهم ما ذكر من رفع الصوت عنده وجهر القول به والنداء له باسمه من بعد .

إنما ذلك به فعل من ذكرنا من أهل النفاق والشرك .

فأما الذين آمنوا به ، وصدّقوه ، وعرفوا أنه رسول ، فلا يُحتمل منهم سوى التعظيم والتوقير والتشريف لما عرفوا أن نجاتهم وشرفهم وعزّهم في الدنيا والآخرة بتعظيمه وتوقيره ، فكيف يُحتمل منهم ذلك ؟ بل كانوا لا يتجاسرون التكلم بين يديه فضلا عن أن يرفعوا أصواتهم ، أو يقدّموا بين يديه ، أو النداء من بُعد ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى } هذا وصف المؤمنين ؛ امتحن الله قلوبهم للتقوى ، فوجدها صافية خالصة لذلك . والامتحان هو التصفية والإخلاص ؛ يُقال : امتُحِن الذهب ، إذا خلص ، وصفا ، الصافي منه والخالص من غيره .

وقوله عز وجل : { لهم مغفرة وأجر عظيم } ظاهر .


[19641]:ساقطة من الأصل وم.