{ إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى } [ 3 ] .
أي : طهرها{[64281]} من كل دنس وجعل فيها التقوى . وثابت هذا هو الذي وقعت جويرية{[64282]} : أم المؤمنين في سهمه فكاتبته على نفسها .
قالت عائشة رضي الله عنها : وكانت جويرية امرأة حلوة مليحة لا يراها أحد إلا أخذت بنفسه ، قالت عائشة رضي الله عنها{[64283]} : فأتت إلى النبي صلى الله عليه وسلم{[64284]} تستعينه في كتابتها ، قالت عائشة : فوالله ما هو – إلا رأيتها على باب حجرتي{[64285]} كرهتها وعلمت أن النبي صلى الله عليه وسلم{[64286]} سيرى منها ما رأيت ، تريد من حسنها وحلاوتها .
قالت عائشة : فدخلت جويرية على النبي صلى الله عليه وسلم{[64287]} ، فقالت : يا رسول الله أنا جويرية بنت الحارث بن أبي{[64288]} ضرار سيد قومه ، وقد أصابني{[64289]} من البلاء ما لم يخف عنك ، فوقعت في السهم{[64290]} لثابت بن قيس ، وكاتبته{[64291]} عن نفسي فجئتك أستعينك على كتابتي ، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : فهل ( لك خير ){[64292]} من ذلك ، قالت : وما هو يا رسول الله ، قال : أقض كتابتك وأتزوجك ، قالت : نعم يا رسول الله ، قال : قد فعلت ، فخرج الخبر في الناس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم{[64293]} تزوج جويرية ، فقال الناس : أصهار رسول الله ، فأرسلوا ما بأيديهم من الأسرى إجلالا لرسول الله صلى الله عليه وسلم{[64294]} .
قالت عائشة : فلقد أعتق الناس بتزويجها إياها مائة أهل بيت من بني المصطلق{[64295]} ، قالت : فما أعلم امرأة كانت أعظم بركة على قومها من جويرية{[64296]} .
ثم قال : { آن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون } .
أي : مخافة أن تبطل أعمالكم وأنتم { لا تشعرون }{[64297]} أي : لا تعلمون .
وقال الزجاج تقديره " لأن تحبط " ، وهو عنده مثل { فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا }{[64298]} وسمى هذه اللام لام الصيرورة{[64299]} أي : التقطه{[64300]} ليصير أمرهم إلى ذلك ؛ لأنهم قصدوا التصير إلى ذلك ولكنه في المقدر{[64301]} ، وفيما سبقه من علم الله ، فالمعنى لا ترفعوا أصواتكم فيكون ذلك سببا لإبطال أعمالكم{[64302]} .
وفي قراءة عبد الله : " فتحبط أعمالكم " {[64303]} .
ثم قال{[64304]} : { إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله } [ 3 ] أي : يكفون رفع أصواتهم عند حضور رسول الله صلى الله عليه وسلم{[64305]} .
{ أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى } ( أي : اختبرها فاصطفاها{[64306]} ) وأخلصها للتقوى كما يمتحن{[64307]} الذهب بالنار فيخلصن جيده ويبطل خبيثه{[64308]} .
قال مجاهد{[64309]} : اختبرها فوجدها خالصة للتقوى{[64310]} .
وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه : امتحنها للتقوى : أي : أذهب الشهوات منها{[64311]} .
ثم قال : { لهم مغفرة وأجر عظيم } أي : لهم ستر وعفو من الله عز وجل{[64312]} يوم القيامة ، ولهم أجر عظيم : وهو الجنة والخلود فيها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.