تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{قُلۡ هَلۡ أُنَبِّئُكُم بِشَرّٖ مِّن ذَٰلِكَ مَثُوبَةً عِندَ ٱللَّهِۚ مَن لَّعَنَهُ ٱللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيۡهِ وَجَعَلَ مِنۡهُمُ ٱلۡقِرَدَةَ وَٱلۡخَنَازِيرَ وَعَبَدَ ٱلطَّـٰغُوتَۚ أُوْلَـٰٓئِكَ شَرّٞ مَّكَانٗا وَأَضَلُّ عَن سَوَآءِ ٱلسَّبِيلِ} (60)

وقوله تعالى : { قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنة الله وغضب عليه } الآية ؛ ذكر هذا ، والله أعلم ، على إثر قوله تعالى : { هل تنقمون منا أن ءامنا بالله } على إثر قوله تعالى : { وإذا ناديتم إلى الصلاة اتخذتموها هزوا ولعبا } الآية [ الآية : 58 ] وذلك أنهم كانوا يستهزئون بالمؤمنين ، ويضحكون منهم ، ويطعنون في دينهم ، ويعيبون عليهم . فقال على إثر ذلك : { قل } يا محمد { هل أنبئكم بشر من ذلك } أي مما المؤمنون عليه ؟ { مثوبة عند الله } قالوا : من ؟ قال : { من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير } الآية . فمن كان هذا وصفه فهو شر مما عليه المؤمنون ؛ وقد كان فيهم جميع ذلك مما غضب الله عليهم ، ولعنهم . أي حول جوهرهم إلى أقبح جواهر وأوحشها ، وهي القردة والخنازير بسوء صنيعهم ، أو يكون ذلك على إثر قول ما قالوا ما ذكر في بعض القصة : والله ما نعلم من أهل دين أقل حظا في الدنيا والآخرة من هؤلاء ؛ يعنون المؤمنين ، لأنهم كانوا يدعون أن الدنيا والآخرة لهم ، وليس لهؤلاء دنيا ولا آخرة . قال الله عز وجل : { قل } يا محمد { هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله } أي ثوابا { عند الله } الآية ، فقالوا : من هم ؟ قال { من لعنه الله وغضب عليه } والملعون هو المطرود عن الخيرات . وجعل من حول جوهره إلى جوهر [ القرد والخنزير ] أقبح جوهر في الطبع والعقول وأوحشه .

[ وقوله تعالى ] : { وعبد الطاغوت } يعني الشيطان { أولئك شر مكانا } في الدنيا لما حول جوهرهم إلى أقبح جوهر في الأرض من الذين لم يحول جوهرهم إلى ذلك ؛ إذ لم يروا أحدا من المؤمنين حول جوهره إلى جوهر من ذكر ، وقد رأوا كثيرا من أوائلهم قد حولوا من جوهرهم إلى هذه الجواهر المستقبحة في الطبع المؤذية . ويحتمل أن يكون على الإضمار على إثر أمر كان ، ونحن لم نعلم به ، فنزل عند ذلك .

وعن الحسن [ أنه ] قال : قوله تعالى : { قل هل أنبئكم بشر من ذلك } الذين لعنهم الله ، والذين غضب عليهم والذين عبدوا الطاغوت والذين جعل منهم القردة والخنازير ؛ منهم من جعله قردا ، ومنهم من أبقى على جوهره الذي كان { أولئك شر مكانا وأضل عن سواء السبيل } أي أخطأ طريقا ودينا ، و الله أعلم بالقصة .