تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{لَهُم مَّا يَشَآءُونَ فِيهَا وَلَدَيۡنَا مَزِيدٞ} (35)

الآية 35 وقوله تعالى : { لهم ما يشاءون فيها } أي لهم ما يختارون فيها ، لا يُجبرون ، ولا يُكرهون فيها على شيء ، إذ المشيئة ، هي صفة كل فاعل مختار ، وإن كانت المشيئة مشيئة لتّمني والتّشهي ، فكأنه قال : لهم ما يتمنّون ، ويتخيّرون ، لقوله : { ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكن فيها ما تدّعون } [ فصلت : 31 ] وقوله عز وجل : [ { وفيها ما تشتهيه الأنفس } [ الزخرف : 71 ] ]{[19817]} .

وقوله تعالى : { لدينا مزيد } قال بعض أهل التأويل : إنه تأتيهم سحابة ، فتُمطرهم كل ما تشاءون ، وذلك هو المزيد لهم في الجنة . وقال بعضهم : إنه تنبت لهم في الجنة شجرة ، فتُقطر لهم كل ما يشاؤون ، وذلك هو المزيد .

لكن يحتمل وجهين :

أحدهما : النظر إلى رؤية الربّ ، جل ، وعلا ، وهو كقوله تعالى : { للذين أحسنوا الحسنى وزيادة } [ يونس : 26 ] قيل : الزيادة هي رؤية الله تعالى في الجنة .

والثاني{[19818]} : { ولدينا مزيد } من نعيمها ما لا يبلُغ تمنّيهم وشهواتهم كقوله عليه السلام في صفة نعيم الجنة : ( ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ) [ البخاري 3244 ] لأن الأماني والشهوات إنما تكون لما سبق لجنسه من الذي تقع عليه الرؤية والنظر أو الخير . فأما ما لا معرفة له فلا يُتمنّى ، ولا يُشتهى ، والله أعلم .


[19817]:في الأصل وم: {ولهم ما يشتهون} [النحل: 57].
[19818]:في الأصل وم: ويشبه.