فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{أَمَّنۡ هَٰذَا ٱلَّذِي يَرۡزُقُكُمۡ إِنۡ أَمۡسَكَ رِزۡقَهُۥۚ بَل لَّجُّواْ فِي عُتُوّٖ وَنُفُورٍ} (21)

{ أمن } تكتب أم موصولة " من " وكذا يقال فيما تقدم { هذا الذي يرزقكم } الكلام في هذا كالكلام في الذي قبله ، أي من الذي يدر عليكم الرزق من المطر وغيره { إن أمسك رزقه } أي أسباب رزقه التي ينشأ عنها كالمطر ، بل لو كان الرزق موجودا كثيرا سهل التناول ، فوضع الآكل لقمة في فيه ، فأمسك الله تعالى عنه قوة الازدراد ، لعجز أهل السموات والأرض عن أن يسوغوا تلك اللقمة . وجواب الشرط محذوف لدلالة ما قبله عليه ، أي إن أمسك رزقه فمن يرزقكم غيره .

وقوله : { بل لجوا في عتو ونفور } ينبئ عن مقدر يستدعيه المقام ، كأنه قيل : إثر تمام التبكيت والتعجيز ، لم يتأثروا لذلك ولم يذعنوا للحق ، بل تمادوا في عناد واستكبار عن الحق ونفور عنه ، ولم يعتبروا ولا تفكروا ، قال الرازي : واللجاج تقحم الأمر مع كثرة الصوارف عنه ، والعتو العناد والطغيان ، والنفور الشرود . وقال ابن عباس : في عتو ونفور أي في ضلال .