فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{أَمَّنۡ هَٰذَا ٱلَّذِي يَرۡزُقُكُمۡ إِنۡ أَمۡسَكَ رِزۡقَهُۥۚ بَل لَّجُّواْ فِي عُتُوّٖ وَنُفُورٍ} (21)

{ أمن هذا الذي يرزقكم إن أمسك رزقه }

من الذي يسوق إليكم منافع الدنيا إن حبسها الله القوي العزيز ؟ ليس إلا الله وحده يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ، ويصيب به من يشاء ويصرفه عمن يشاء ؛

{ وما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده . . . }{[7381]} .

ولذلك جاء في الحديث الصحيح فيما يرويه النبي صلى الله عليه وسلم عن رب العزة : { . . فأما من قال مطرنا بنوء كذا ، فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب ، وأما من قال مطرنا بفضل الله ورحمته ، فذاك مؤمن بي كافر بالكوكب } .

{ بل لجوا في عتو ونفور ( 21 ) }

ولم يزدجروا بل تمادوا في عناد واستكبار وطغيان ، ولم يذعنوا للحق ، وإنما شردوا عن الحق لثقله عليهم .

مما نقل صاحب [ روح المعاني . . . ] عن صاحب الكشف ما حاصله . . . قوله تعالى : { أم من هذا الذي هو جند } متعلق بحديث الخسف ؛ وقوله سبحانه : { أم من هذا الذي يرزقكم }{[7382]} متعلق بإرسال الحاصب .


[7381]:- سورة فاطر. من الآية 2.
[7382]:- ويتابع: كأنه لما قيل: أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فتضطرب نافرة بعد ما كانت في غاية الذلة، عقب يقول: أم امنكم الفوج الذي هو في زعمكم جند لكم يمنعكم من عذاب الله تعالى وبأسه – على أن (أم) منقطعة، والاستفهام تهكم؛ وكذلك لما قيل: {أأمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا} بدل ما يرسل عليكم رحمته، عقب يقول: أم أمنكم الذي تتوهمون أنه يرزقكم؛ وأما قوله تعالى: {ولقد كذب الذين من قبلهم} فاعتراض يشد من عضد التحذير، وأن في الأمم الماضين المخسوف بهم والمرسل عليهم الحواصب إلى غير ذلك من أنواع عذابه عز وجل..وكذلك قوله سبحانه: {أو لم يروا} تصوير لقدرته تعالى الباهرة. وأن من قدر على ذلك كان الخسف وإرسال الحاصب عليه أهون شيء.. اهـ.