الآية 16 وقوله تعالى : { قال فبما أغويتني لأقعدنّ لهم صراطك المستقيم } قال الحسن : قوله تعالى : { فبما أغويتني } أي بما لعنتني . والإغواء هو اللّعن كقوله تعالى : { لتكوننّ من المرجومين } [ الشعراء : 116 ] أي من الملعونين فعلى ذلك قوله تعالى : { أغويتني } أي لعنتني .
وقال أبو بكر الكيساني{[8130]} : أضاف الإغواء إلى نفسه لما كان سبب ذلك منه ، وهو الأمر الذي أمره بالسجود لآدم والخضوع له . ويجوز أن يضاف مثل ذلك لما كان منه السبب نحو قوله تعالى : { ائذن لي ولا تفتنّي } [ التوبة : 49 ] سأل منه الإذن بالقعود ، ولا تكلّفني بما لا أقوم ، فتفتنّي بذلك . وقال : إنما أضاف ذلك إليه لما كان منه سبب ذلك الافتنان . فعلى ذلك هذا .
وقال بعض المعتزلة : هذا قول إبليس : { فبما أغويتني } وقد كذب عدوّ الله ، لم يغوه الله ، فيقال لهم : فإن كان إبليس عدوّ الله قد كذب في قوله { فبما أغويتني } فيقولون بأن نوحا ، صلوات الله عليه ، قد كذب حين{[8131]} قال : { ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم } [ هود : 34 ] أضاف الإغواء إليه . دلّ هذا على أن إبليس لم يكذب بإضافة الإغواء إلى الله .
ولكن عندنا أنه أضاف الإغواء إلى نفسه لما خلق فيه فعل الغواية والضلال على ما ذكرنا في غير موضع ليس كما قال هؤلاء : إنه أضيف إليه لمكان ما كان منه سبب ذلك ، لأنه لو جاز أن يضاف فعل الإغواء إليه لسبب الإغواء لجاز أن يضاف إلى الرسل والأنبياء ؛ لأنه كان منهم الأمر لقومهم والدعاء على توحيد الله ، ثم كذبوا في ذلك ، فكان سبب إغواء أولئك هم الرسل . فذلك بعيد ، وكذلك [ لو كان ]{[8132]} الإغواء لكان كل لاعن عليه هو{[8133]} مغويه .
وقال بعضهم : { أغويتني } أي خذلتني{[8134]} ، والوجه فيه ما ذكرنا أنه خلق فيه فعل الغواية والضلال ، وكذلك من كل كافر : خذله لما علم منه أنه يختار الغواية والضلال .
وقوله تعالى : { لأقعدنّ لهم } ليس على حقيقة القعود ، ولكن على المنع عن السلوك في الطريق ، أو على التلبيس عليهم الطريق المستقيم والستر عليهم ؛ لأن من قعد في الطريق منع{[8135]} الناس عن السلوك فيه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.