الآية 17 وقوله تعالى : { ثم لآتينّهم من بين أيديهم ومن خلفهم }الآية . قال الحسن : { من بين أيديهم } من قبل الآخرة تكذيبا بالبعث والجنة والنار { ومن خلفهم } قال : من قبل دنياهم ، يزيّنها لهم ، ويشهّيها إليهم { وعن أيمانهم } قال : من قبل الحسنات يبطّئهم عنها { وعن شمائلهم } قال : من قبل السيئات ؛ يأمرهم بها ، ويحثهم عليها ، ويزيّنها في أعينهم .
وعن مجاهد { ثم لآتينهم من بين أيديهم } [ أنه ]{[8136]} قال : من حيث يبصرون { ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم } من حيث لا يبصرون . وقيل : { من بين أيديهم } من قبل آخرتهم فلأخبرنّهم أنه لا جنة ولا نار ولا بعث على ما ذكر الحسن { ومن خلفهم } من قبل دنياهم يأمرهم بجمع الأموال فيها لمن بعدهم من ذراريهم وأخوّف عليهم الضيعة ، فلا يصلون في أموالهم رحما ، ولا يعطون لها حقا ، { وعن أيمانهم } من قبل دينهم ، فأزيّن لكل قوم ما كانوا يعبدون ؛ فإن كانوا على ضلالة زيّنتها لهم ، وإن كانوا على هدى شبّهته عليهم حتى أخرجهم منه { وعن شمائلهم } من قبل اللذات والشهوات ، فأزيّنها لهم .
هذا الذي ذكر أهل التأويل يحتمل . ثم ذكر الأمام والخلف وعن أيمان وعن شمائل ، ولم يذكر ما فوق ولا تحت/170-أ/ فيحتمل أن يدخل ما فوق وما تحت بذكر الأمام واليمين والشمال والخلف كقوله تعالى : { أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض إن نشأ نخسف بهم الأرض أو نسقط عليهم كسفا من السماء } [ سبأ : 9 ] دخل ما فوق بذكر { من بين أيديهم } [ فعلى ذلك هذا يدخل ما تحت ]{[8137]} [ وما فوق بذكر ما ذكر ، فيصير كأنه قال { لآتينهم } من كل وجه .
ويحتمل أنه لم يذكر هذا لما أنه لا سلطان له على منع أرزاق{[8138]} الخلق والبركات لأن أرزاق الخلق والبركات مما تنزل من السماء من المطر ، ويخرج من الأرض النبات ، فليس له سلطان على منع إنزال المطر وإخراج النبات من الأرض ، وله سلطان على غير ذلك ، أو لما يشغلهم ، ويشهّيهم { من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلها } من اللذات والشهوات لما إذا رأى شيئا ، أعجبه ، اتبع النظر إليه ، واحدا بعد واحد من أمام ووراء ويمين وشمال ، ولا كذلك من تحت ولا من فوق .
أو أن يكون لما روي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه إذا تلا هذه الآية قال : الله منعه من أن يأتيهم من فوقهم . ولو كان ذلك لما نجا أحد ؛ فأعمالهم تصعد إلى الله ، ورحمته تنزل عليهم .
وقال قتادة : أتاك اللعين من كل نحو يا ابن آدم غير أنه لا يستطيع أن يحول بينك وبين رحمة ربك ، إنما تأتيك الرحمة من فوقك . والذي ذكرنا أنه على التمثيل أنه يأتيه من كل جانب أشبه .
وقوله تعالى : { ثم لآتينّهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم } يخرج على وجهين :
أحدهما : ليس على إرادة بين [ أيد ]{[8139]} وخلف وأيمان وشمائل ، ولكن على إرادة الجهات كلها . كأنه يقول : لآتينهم من كل جهة .
والثاني : ما ذكر الحسن وأهل التأويل : { من بين أيديهم } الآخرة{[8140]} تكذيبا بها { ومن خلفهم } الدنيا تزيينا بها عليهم
{ وعن أيمانهم } الحساب { وعن شمائلهم } السيئات .
وقوله تعالى : { ولا تجد أكثرهم شاكرين } هذا من عدوّ الله ظن ظنه لا قاله حقيقة . لكن الله عز وجل ، [ قال ]{[8141]} إنه أخبر أنه صدّق ظنه بقوله : { ولقد صدّق عليهم إبليس ظنه } [ سبأ : 20 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.