تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا لَقِيتُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ زَحۡفٗا فَلَا تُوَلُّوهُمُ ٱلۡأَدۡبَارَ} (15)

( يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار ) كان أول الأمر بالقتال ؛ وفرضه كان يدل الأنفس للهلاك ؛ لأنه ذكر الزحف ، والزحف هو الجماعة [ يزحفون إلى ][ ساقطة من الأصل وم ] العدو الذي لا يجدُّ وليس للواحد القيام للجماعة ، فكان فرض القتال بذل[ في الأصل وم : البذل ] الأنفس للقتال .

وعلى ذلك يخرج قوله : ( إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين )[ الأنفال : 65 ] وليس ي وسع الواحد القيام لعشرة ، إذا أحيط به .

ويجوز أن يفرض بذل الأنفس للقتال كقوله ( ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم )[ النساء : 66 ] أخبر أنه لو أمر بذلك امتحانا منهم لهم ، فإن احتمل ما ذكرنا ، كان قوله ( كأنما يساقون إلى الموت )[ الأنفال : 6 ] هو على التحقيق إذ إلى ذلك يساقون .

ويحتمل وجها آخر ، وهو أن الله عز وجل أمر بذلك ليكون آية ، ويعرف كل واحد أنه قام بالله لا بقوة نفسه ؛ إذ ليس في وسع أحد القيام لعشرة أو لجماعة بقوته إذا أحيط به ، فهو على الآية ، إن كان فيه ما ذكرنا ، والله أعلم .