ثم قال : ( إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا ) الوحي كان يسمى وحيا لسرعة قذفه في القلوب ووقوعه فيها . ولذلك سمى ، والله أعلم ، وساوس الشيطان وحيا بقوله : ( إن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم )[ الأنعام : 121 ] أي يقذفون في قلوبهم ، ويدعون إلى أشياء من غير أن علموا بذلك أنه ممن جاء ذلك ؟ وما سبب ذلك ؟ لسرعة قذفه ووقوعه في القلوب . وكذلك سمى الإلهام وحيا لسرعة وقوعه . قال تعالى : ( وأوحى ربك إلى النحل )[ النحل : 68 ] وقيل : هو الإلهام ؛ أي ألهم النحل ( إن اتخذي من الجبال بيوتا )[ النحل : 68 ] وقال عز وجل : ( وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من واء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء )[ الشورى : 51 ] أخبر [ أن ليس ][ في الأصل وم : الناس ] له ( أن يكلمه الله إلا وحيا ) وهو ما ألهمه سمى وحيا لسرعة وقوعه في القلب وقذفه على غير علم منهم أنه من أين كان ؟ ومم كان ؟
وفيه دلالة أن غيره هو الذي أخطر ذلك في القلوب ، وقذف فيها ، لا أنه يحدث بنفسه على غير إخطار أحد ولا قذفه ، فإن كان ما قذف فيه خيرا فهو من الملك ، وإن كان شرا فهو من قذف الشيطان ووسوسته ، ففيه دليل الملك والشيطان ، والله أعلم .
وقوله تعالى : ( إني معكم ) قيل : ( أني معكم ) في النصر والعونة ودفع العدو عنكم . أو يقول ( إني معكم ) في التوفيق . ويحتمل أن يكون قوله : ( إذ يوحي ربك إلى الملائكة ) أي أخبروا[ في الأصل : أخبر ] المؤمنين ( أني معكم ) لما ذكرنا من النصر والمعونة والدفع . وقوله تعالى ( فتبتوا الذين آمنوا ) أمر ملائكته أن يثبتوا الذين آمنوا بالنصر والأمن بعد ما كانوا خائفين [ فشلا جبناء ][ في الأصل وم : فشلين جبنين ] ؛ لما أجابوا ربهم مع ضعف أبدانهم وقلة عددهم أبدلهم[ في الأصل وم : فأبدلهم ] الله مكان الخوف لهم أمنا ومكان الضعف القوة والنصر ومكان الذل العز ، وأبدل المشركين مكان الأمن لهم خوفا ومكان العز الذل ومكان الكثرة الضعف والفشل . فذلك ، والله أعلم ، [ معنى قوله ][ في الأصل : قوله ، ساقطة من م ] : ( سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب ) وقوله ( فتبتوا الذين آمنوا ) . وجائز أن يكون نفس نزول الملائكة تثبيتهم ؛ لأنهم سبب تثبيتهم ، أو يثبتهم من غير أن علم المؤمنون بهم .
وقوله تعالى : ( فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان ) قال قائلون : وقله ( فاضربوا فوق الأعناق ) إذا ظفروا بهم ، ووقعوا في أيديهم ، فعند ذلك يضرب فوق الأعناق ، وهو الفصل الذي يبين الرأس بالضرب لم نهى عن المثلة . وفي الضرب في غير ذلك مثلة .
ويحتمل قوله : ( فاضربوا فوق الأعناق ) أي اضربوا الأعناق وما فوق الأعناق ( واضربوا منهم كل بنان )[ معناه ، والله أعلم ، أي اضربوا على ما تهيا لكم من الأطراف وغيرها . وأما قوله ( واضربوا منهم كل بنان ) ][ من م ، ساقطة في الأصل ] في الحرب لأنه لا سبيل في الحرب إلا[ في الأصل وم : إلى ] أن يضرب ضرب[ في الأصل وم : ضربا ] لا يكون مثَلَة . فكأنه قال : فاضربوا فوق الأعناق ، إذا قدرتم عليهم ، ووقعوا في أيديكم ( واضربوا منهم كل بنان ) كيف ما تقدرون وحيث ما تقدرون ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.