تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{كَيۡفَ وَإِن يَظۡهَرُواْ عَلَيۡكُمۡ لَا يَرۡقُبُواْ فِيكُمۡ إِلّٗا وَلَا ذِمَّةٗۚ يُرۡضُونَكُم بِأَفۡوَٰهِهِمۡ وَتَأۡبَىٰ قُلُوبُهُمۡ وَأَكۡثَرُهُمۡ فَٰسِقُونَ} (8)

وقوله تعالى : ( كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلاًّ وَلا ذِمَّةً ) يقول : كيف تعطون لهم العهد ؟ وكيف يستحقون العهد ؟ ( كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلاًّ وَلا ذِمَّةً ) ؟

وقال بعضهم : كيف لا تقاتلونهم ( وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلاًّ وَلا ذِمَّةً ) ؟ قال : الإل الله ، والذمة العهد . وقيل : إلال القرابة ، وقيل : الإل العهد والذمة . وكذلك ذكر في حرف حفصة ( لا يرقبوا فيكم ) عهدا ( ولا ذمة ) .

قال القتبي : الإل العهد ؛ قال : ويقال : القرابة ، وقال أبو عوسجة : الإل القرابة . وقال أبو عبيدة : الإل العهد ، والذمة التذمم . وقال ابن عباس : الإل عند الله بمنزلة جبريل ؛ يفسره عبد الله لما قيل : جبريل هو عبد الله .

وقيل : الإل الحرم ؛ يقول : كيف يعطونهم العهد ، وهم ( وإن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم ) القرابة ولا العهد ، ولا يرقبوا[ في الأصل وم : يرقبون ] الحرم فيكم ؟ وقد كانوا يحفظون في ما بينهم القرابة والرحم حتى يعاون بعضهم بعضا ، ويناصر ، إذا وقع بين قرابتهم ورحمهم وبين قوم آخرين مباغضة وعداوة ، وكانوا يرقبون حرم الله حتى لا يقاتلوا[ في الأصل وم : يقاتلون ] في الأشهر الحرم وعند المسجد الحرام ، وكانوا يحفظون العهود في ما بينهم من قبل ، ولا يرقبون فيكم ، ولا يحفظونها . هذا ، والله أعلم تأويل قوله : ( لا يرقبوا فيكم إلا ولا ذمة ) وقد كانوا يرقبونه من قبل .

وقوله تعالى : ( يرضونكم بأفواههم ) بأنهم يوفون العهد ، ويحفظونه ( وتأبى قلوبهم ) إلا النقض .

وقوله تعالى : ( وأكثرهم فاسقون ) في نقض العهد . والفسق هو الخروج عن أمر الله كقوله ( ففسق عن أمر ربه )[ الكهف : 50 ] .