{ ووضع الكتاب } أي جنسه وهو صحف الأعمال . والوضع إما حسي وهو أن يوضع كتاب كل إنسان في يده إما في اليمين أو في الشمال ، وإما عقلي ومعناه النشر والاعتبار . { فترى المجرمين مشفقين } خائفين مما في الكتاب لأن الخائن خائف خوف العقاب وخوف الافتضاح . ومعنى النداء في { يا ويلتنا } قد مر في " المائدة " في
{ يا ويلتي أعجزت } [ الآية : 31 ] وقوله : { صغيرة ولا كبيرة } صفتان للهيئة أو المعصية أو الفعلة وهي عبارة عن الإحاطة وضبط كل ما صدر عنهم ، لأن الأشياء إما صغار وإما كبار ، فإذا حصر الصنفين فقد حصر الكل . وعن الفضيل : ضجوا والله من الصغائر قبل الكبائر . قلت : وذلك أن تلك الصغائر هي التي جرأتهم على الكبائر . وعن ابن عباس : الصغير التبسم والكبيرة القهقهة . وعن سعيد بن جبير : الصغيرة المسيس والكبيرة الزنا . وجوّز في الكشاف أن يريد ما كان عندهم صغائر وكبائر . وتمام البحث في المسألة أسلفناه في أوائل سورة النساء في تفسير قوله :
{ أن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه } [ النساء : 31 ] فتذكر { ووجدوا ما عملوا حاضراً } في الصحف مثبتاً فيها أو وجدوا أجزاء ما عملوا ظاهراً على صفحات أحوالهم { ولا يظلم ربك أحداً } استدل الجبائي به على بطلان مذهب الأشاعرة في أن الأطفال يجوز أن تعذب بذنوب آبائهم فإن ذلك ظلم . والجواب أن الظلم إنما يتصوّر في حق من تصرف في غير ملكه قالوا : لو ثبت أن له بحكم المالكية أن يفعل ما يشاء من غير اعتراض عليه لم يكن لهذا الإخبار فائدة . وأجيب بأن تلك القضية بعد الدلائل العقلية علمت من مثل هذه الآية . عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يحاسب الناس في القيامة على ثلاثة : يوسف وأيوب وسليمان يدعو المملوك فيقول له : ما شغلك عني ؟ فيقول جعلتني عبد الآدمي فلم تفرغني فيدعو يوسف فيقول : كان هذا عبداً مثلك ثم يمنعه ذلك أن عبدني فيؤمر به إلى النار . ثم يدعى بالمبتلى فإذا قال : أشغلتني بالبلاء دعا بأيوب فيقول : قد ابتليت هذا بأشد من بلائك فلم يمنعه ذلك عن عبادتي ويؤمر به إلى النار ، ثم يؤتى بالملك في الدنيا مع آتاه الله من الغنى والسعة فيقول : ماذا عملت فيما آتيتك فيقول : شغلني الملك عن ذلك فيدعى بسليمان فيقول : هذا عبدي سليمان آتيته أكثر مما آتيتك فلم يشغله ذلك عن عبادتي اذهب فلا عذر لك فيؤمر به إلى النار "
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.