التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{وَوُضِعَ ٱلۡكِتَٰبُ فَتَرَى ٱلۡمُجۡرِمِينَ مُشۡفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَٰوَيۡلَتَنَا مَالِ هَٰذَا ٱلۡكِتَٰبِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةٗ وَلَا كَبِيرَةً إِلَّآ أَحۡصَىٰهَاۚ وَوَجَدُواْ مَا عَمِلُواْ حَاضِرٗاۗ وَلَا يَظۡلِمُ رَبُّكَ أَحَدٗا} (49)

قوله تعالى { ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا }

انظر حديث عائشة الآتي عند سورة القمر آية ( 53 ) وفيه : " يا عائشة إياك ومحقرات الذنوب " .

قال الشيخ الشنقيطي : ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة : أن الكتاب يوضع يوم القيامة . والمراد بالكتاب : جنس الكتاب ، فيشمل جميع الكتب التي كتب فيها أعمال المكلفين في دار الدنيا . وأن المجرمين يشفقون مما فيه ، أي يخافون منه ، وأنهم يقولون { يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر } . أي لا يترك { صغيرة ولا كبيرة } من المعاصي التي عملنا { إلا أحصاها } أي ضبطها وحصرها ، وهذا المعنى الذي دلت عليه الآية الكريمة جاء موضحا في مواضع أخر ، كقوله : { وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا . اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا } . وبين أن بعضهم يؤتي كتابه بيمينه ، وبعضهم يؤتاه بشماله وبعضهم يؤتاه وراء ظهره . قال : { فأما من أوتي كتابه بشماله فيقول يا ليتني لم أوتي كتابيه } الآية ، وقال تعالى : { فأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا وينقلب إلى أهله مسرورا وأما من أوتي كتابه وراء ظهره فسوف يدعو ثبورا ويصلى سعيرا } .

أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله : { ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها } اشتكى القوم كما تسمعون الإحصاء ، ولم يشتك أحد ظلما ، فإياكم والمحقرات من الذنوب ، فإنها تجتمع على صاحبها حتى تهلكه .