محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَوُضِعَ ٱلۡكِتَٰبُ فَتَرَى ٱلۡمُجۡرِمِينَ مُشۡفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَٰوَيۡلَتَنَا مَالِ هَٰذَا ٱلۡكِتَٰبِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةٗ وَلَا كَبِيرَةً إِلَّآ أَحۡصَىٰهَاۚ وَوَجَدُواْ مَا عَمِلُواْ حَاضِرٗاۗ وَلَا يَظۡلِمُ رَبُّكَ أَحَدٗا} (49)

{ وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ( 49 ) } .

{ وَوُضِعَ الْكِتَابُ } أي صحائف الأعمال بين يدي الله بحضرة الخلائق { فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ } أي خائفين أن يفتضحوا { مِمَّا فِيهِ } أي من أعمالهم السيئة المسطرة { وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا } أي هلكتنا وحسرتنا على ما فرطنا في أعمارنا . قال القاشاني : يدعون الهلكة التي هلكوا بها ، من أثر العقيدة الفاسدة والأعمال السيئة { مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا } أي أي شأن حصل له ، فلا يترك ذنبا صغيرا ولا كبيرا إلا ضبطه وحفظه . والاستفهام مجاز عن التعجب في إحصائه كل المعاصي ، وعدة مقاديرها وأوصافها ، وعدم تسامحه في شيء منها .

قال البقاعي عليه الرحمة : إن لام الجر رسمت مفصولة ( يعني في الرسم العثماني ) ، إشارة إلى أنهم لشدة الكرب يقفون على بعض الكلمة . وهذا من لطائفه رحمه الله . { وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا } أي مكتوبا في الصحف تفصيلا ، من خير وشر . كما قال تعالى : { يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا } الآية . وقال : { ينبؤا الإنسان يومئذ بما قدم وأخر } .

{ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا } أي فيكتب عليه ما لم يعمله ، أو يزيد في عقابه .