الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَوُضِعَ ٱلۡكِتَٰبُ فَتَرَى ٱلۡمُجۡرِمِينَ مُشۡفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَٰوَيۡلَتَنَا مَالِ هَٰذَا ٱلۡكِتَٰبِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةٗ وَلَا كَبِيرَةً إِلَّآ أَحۡصَىٰهَاۚ وَوَجَدُواْ مَا عَمِلُواْ حَاضِرٗاۗ وَلَا يَظۡلِمُ رَبُّكَ أَحَدٗا} (49)

وقوله سبحانه : { وَوُضِعَ الكتاب فَتَرَى المجرمين مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ } [ الكهف : 49 ] .

{ الكتاب } اسم جنس يراد به كُتُب النَّاس التي أحصتها الحَفَظة لواحدٍ واحدٍ ، ويحتمل أن يكون الموضوع كتاباً واحداً حاضراً ، وباقي الآية بيِّن .

وقوله سبحانه : { إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الجن } [ الكهف : 50 ] .

قالت فرقة : إبليسُ لم يكُنْ من الملائكَةِ ، بل هو من الجِنِّ ، وهم الشياطينُ المخلوقون من مَارِجٍ من نارٍ ، وجميعُ الملائكة إنما خلقوا من نورٍ ، واختلَفَتْ هذه الفرقةُ ، فقال بعضهم : إِبليس من الجنِّ ، وهو أولهم وبَدْأَتُهم ، كآدمَ من الإِنس ، وقالت فرقة : بل كان إِبليس وقبيلُهْ جِنًّا ، لكن جميع الشياطين اليَوْمَ من ذريته ، فهو كُنوح في الإنس ، واحتجُّوا بهذه الآية .

وقوله : { فَفَسَقَ } معناه فخرج عن أمر ربِّه وطاعته .

وقوله عزَّ وجلَّ : { أَفَتَتَّخِذُونَهُ } يريد : أَفتَتَّخِذُونَ إِبليس .

وقوله : { وَذُرِّيَّتَهُ } : ظاهر اللفظ يقتضي المُوَسْوِسين من الشياطين ، الذين يأمْرُون بالمنْكَر ، ويحملون على الأباطيل .

وقوله تعالى : { بِئْسَ للظالمين بَدَلاً } أي : بدل ولايةِ اللَّه عزَّ وجلَّ بولاية إِبليس وذريته ، وذلك هو التعوُّض من الحقِّ بالباطلِ .