النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَإِن طَلَّقۡتُمُوهُنَّ مِن قَبۡلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدۡ فَرَضۡتُمۡ لَهُنَّ فَرِيضَةٗ فَنِصۡفُ مَا فَرَضۡتُمۡ إِلَّآ أَن يَعۡفُونَ أَوۡ يَعۡفُوَاْ ٱلَّذِي بِيَدِهِۦ عُقۡدَةُ ٱلنِّكَاحِۚ وَأَن تَعۡفُوٓاْ أَقۡرَبُ لِلتَّقۡوَىٰۚ وَلَا تَنسَوُاْ ٱلۡفَضۡلَ بَيۡنَكُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٌ} (237)

قوله تعالى : { وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ } وهو أول الطلاقين لمن كان قبل الدخول كارهاً ، لرواية سعيد ، عن قتادة ، عن شهر بن حوشب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لاَ يُحِبُّ الذوَّاقِينَ وَلا الذَّوَّاقَاتِ " . يعني الفراق{[366]} بعد الذوق .

ثم قال تعالى : { وَقَدْ فَرَضْتُم لَهُنَّ فَرِيضَةً } يعني صداقاً { فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُم } فيه قولان :

أحدهما : معناه فنصف ما فرضتم لهن ليس عليكم غيره لهن{[367]} ، { إلاَّ أَن يَعْفُونَ } يعني به عفو الزوجة ، ليكون عفوها أدعى إلى خِطْبَتِها ، ويرغّب الأزواج فيها .

ثم قال تعالى : { أَو يَعفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ } وفيه ثلاثة أقاويل :

أحدها : أن الذي بيده عقدة النكاح هو الولي ، وهو قول ابن عباس ، ومجاهد ، وطاوس ، والحسن ، وعكرمة ، والسدي .

الثاني : هو الزوج ، وبه قال علي وشريح ، وسعيد بن المسيب وجبير بن مطعم ، ومجاهد ، وأبو حذيفة .

والثالث : هو أبو البكر ، والسيد في أمته ، وهو قول مالك{[368]} .

ثم قال تعالى : { وَأَن تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى } وفي المقصود بهذا الخطاب قولان :

أحدهما : أنه خطاب للزوج وحده ، وهو قول الشعبي .

والثاني : أنه خطاب للزوج والزوجة ، وهو قول ابن عباس . وفي قوله : { أَقْرَبُ لِلتَّقوَى } تأويلان :

أحدهما : أقرب لاتقاء كل واحد منهما ظُلْمَ صاحبه .

والثاني : أقرب إلى اتقاء معاصي الله .


[366]:- الفراق: في ك الذواقين.
[367]:- لم يذكر القول الثاني.
[368]:- روى ذلك عن مالك ابن وهب وأشهب وابن عبد الحكم وابن القاسم، وحكى عن مالك أنه يقول بالقول الأول أي أن الذي بيده عقدة النكاح هو الولي. والولي قد يكون غير الأب.