النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{بِئۡسَمَا ٱشۡتَرَوۡاْ بِهِۦٓ أَنفُسَهُمۡ أَن يَكۡفُرُواْ بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ بَغۡيًا أَن يُنَزِّلَ ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنۡ عِبَادِهِۦۖ فَبَآءُو بِغَضَبٍ عَلَىٰ غَضَبٖۚ وَلِلۡكَٰفِرِينَ عَذَابٞ مُّهِينٞ} (90)

قوله تعالى : { بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ } اشتروا بمعنى باعوا .

{ أن يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللهُ بَغْياً } يعني حسداً ، هكذا قال قتادة والسدي ، وأبو العالية ، وهم اليهود . والبغي شدة الطلب للتطاول ، وأصله الطلب ، ولذلك سميت الزانية بَغِياً ، لأنها تطلب الزنى .

وفي قوله تعالى : { فَبَآءُو بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ } ثلاثة أقاويل :

أحدها : أن الغضب الأول لكفرهم بعيسى ، والغضب الثاني لكفرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم ، وهذا قول الحسن ، وعكرمة ، والشعبي ، وقتادة ، وأبي العالية .

والثاني : أنه ما تقدم من كفرهم في قولهم عُزير ابن الله ، وقولهم يد الله مغلولة ، وتبديلهم كتاب الله ، ثم كفرهم بمحمد .

والثالث : أنه لما كان الغضب لازماً لهم كان ذلك توكيداً .

{ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ } المهين : المذل . والعذاب على ضربين :

فالمهين منهما عذاب الكافرين لأنه لا يمحص عنهم ذنوبهم .

والثاني : غير مهين وهو ما كان فيه تمحيص عن صاحبه ، كقطع يد السارق من المسلمين ، وحد الزاني .