نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{بِئۡسَمَا ٱشۡتَرَوۡاْ بِهِۦٓ أَنفُسَهُمۡ أَن يَكۡفُرُواْ بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ بَغۡيًا أَن يُنَزِّلَ ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنۡ عِبَادِهِۦۖ فَبَآءُو بِغَضَبٍ عَلَىٰ غَضَبٖۚ وَلِلۡكَٰفِرِينَ عَذَابٞ مُّهِينٞ} (90)

ولما استحقوا بهذا وجوه{[3681]} المذامّ كلها وصل به قوله { بئسما } {[3682]}فأتى بالكلمة الجامعة للمذام المقابلة لنعم الجامعة لوجوه المدائح كلها أي بئس شيء { اشتروا به أنفسهم }{[3683]} أي حظوظهم{[3684]} ، فقدموها وآثروها فكان ذلك عين فأخبرها{[3685]} عكس ما فعل المؤمنون من بيعهم لأنفسهم وخروجهم عنها بتعبدهم لله بإيثار ما يرضيه على هوى أنفسهم{[3686]} ، فكان ذلك عين تحصيلها وتقديمها ، ثم فسر الضمير العائد على{[3687]} المبهم المأخوذ{[3688]} في إحراز النفس فقال : { أن يكفروا } أي يستروا{[3689]} {[3690]}على التجدد والاستمرار{[3691]} علمهم { بما أنزل الله } {[3692]}الذي لا كفؤ له ، أي اشتروا أنفسهم فأبقوها لهم على زعمهم بالكفر ولم يجعلوها تابعة{[3693]} ؛ ويجوز أن يكون { اشتروا } بمعنى باعوا ، لأنهم بذلوها{[3694]} للشيطان بالكفر كما بذل المؤمنون أنفسهم لله بالإيمان .

ثم علل كفرهم بقوله : { بغياً{[3695]} } {[3696]}أي حسداً وظلماً لأن تكون النبوة في بني إسماعيل عليه السلام . و{[3697]} {[3698]}قال الحرالي : هو اشتداد في طلب شيء ما - انتهى . وأصله مطلق الطلب والإرادة ، كأن الإنسان لما كان مجبولاً على النقصان ومطبوعاً على الشر والعصيان إلا من عصم الله وأعان كان مذموماً على مطلق الإرادة ، لأن من حقه أن لا تكون له خيرة{[3699]} ولا إرادة بل تكون إرادته تابعة لإرادة{[3700]} مولاه كما هو شأن العبد - والله الموفق . ثم علل بغيهم بقوله : { أن ينزل الله }{[3701]} ذو الجلال والإكرام{[3702]} { من فضله } و{[3703]}في صيغة { ينزل } إشعار {[3704]}بتمادي ما{[3705]} يغيظهم فيما يستقبل ، وبشرى للنبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين { على من يشاء من عباده }{[3706]} من العرب الذين حسدوهم{[3707]} .

ثم سبب عن ذلك قوله { فباؤوا }{[3708]} أي رجعوا لأجل ذلك { بغضب } في حسدهم لهذا النبي صلى الله عليه وسلم لكونه من العرب { على غضب } كانوا استحقوه بكفرهم بأنبيائهم عناداً . ثم علق الحكم الذي استحقوه بوصفهم تعميماً وإشارة إلى أنه سيؤمن بعضهم فقال : { وللكافرين }{[3709]} أي الذين هم راسخون في هذا الوصف منهم{[3710]} ومن غيرهم { عذاب مهين } من الإهانة وهي الإطراح إذلالاً واحتقاراً{[3711]} .


[3681]:في مد: وجود - كذا
[3682]:قال المهائمي: أي بئسما باعوا به حظ أنفسهم الأخروي إذ باعوه بالكفر بما أنزل اله لا ريب فيه بل {بغيا} عبادا مع الله كراهة {أن ينزل الله} من روحيه –انتهى.
[3683]:ليست في مد و ظ
[3684]:ليست في مد و ظ
[3685]:وقع في م: تأخيرها- كذا محرفا
[3686]:في مد: النفس بهم
[3687]:في ظ: إلى
[3688]:في مد: الموجود
[3689]:في مد: يستمروا
[3690]:ليست في مد و ظ
[3691]:ليست في مد و ظ
[3692]:العبارة من هنا إلى "بالإيمان" سقطت من مد و ظ
[3693]:في مد: بايعه
[3694]:في مد: بذلوا.
[3695]:في التفسير المظهري ص 95 أصل البغي الطلب والفساد، يقال بغى يبغي بغيا إذا طلب، وبغى الحرج إذا فسد. ويطلق الباغي على الظالم لأنه مفسد، وعلى الخارج على الإمام لأنه مفسد وطالب للظلم، وعلى الحاسد فإنه يظلم المحسود ويطلب إزالة نعمته، والمعنى أنهم يكفرون حسدا وطلبا لما ليس لهم وفسادا في الأرض -انتهى
[3696]:ليست في م ومد
[3697]:ليست في م ومد
[3698]:العبارة من هنا إلى "والله الموفق" ليست في م.
[3699]:في مد: خبرة
[3700]:في مد: لأمر
[3701]:ليست في ظ
[3702]:ليست فيلا ظ
[3703]:ليس في مد
[3704]:في ظ: بما.
[3705]:في ظ: بما
[3706]:قال المهائمي {أن ينزل الله} من وحيه الذي هو {من فضله على من يشاء منم عباده} سيما من رآه أهلا له دونهم فعاندوا الله –انتهى. وفي التفسير المظهري {من فضله} بلا سبق عمل يقتضيه
[3707]:في م: خسروهم – كذا.
[3708]:وقال المهائمي {فباؤوا بغضب} عظيم من الله على نادهم معه وتحكمهم عليه {على غضبه} على كفرهم بآياته ورسله ونقضهم مواثيق فكيف يكون عذابهم هينا وأياما معدودة -انتهى
[3709]:وفي البحر المحيط 1/ 306: الألف واللام في "الكافرين" للعهد، وأقام المظهر مقام المضمر إشعارا بعلة كون العذاب المهين لهم إذ لو أتى: ولهم عذاب مهين، لم يكن في ذلك تنبيه على العلة؛ أو تكون الألف واللام للعموم فيندرجون في الكافرين، ووصف العذاب بالإهانة وهو الإذلال قال تعالى {وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين} وجاء في الصحيح في حديث عبادة- وقد ذكر أشياء محرمة فقال: فمن أصاب شيئا من ذلك فعوقب به فهو كفارة له، فهذا العذاب إنما هو لتكفير السيئات؛ أو لأنه يقتضي الخلود خلودا لا ينقطع، أو لشدته وعظمته واختلاف أنواعه أو لأنه جزاء على تكبرهم عن اتباع الحق – انتهى. وفي التفسير المظهري: براد بهم إذلالهم بخلاف عذاب العصاة من المؤمنين فإنه لتطهيرهم عن الذنوب –انتهى.
[3710]:ليس في ظ
[3711]:ي مد: افتقارا