بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{بِئۡسَمَا ٱشۡتَرَوۡاْ بِهِۦٓ أَنفُسَهُمۡ أَن يَكۡفُرُواْ بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ بَغۡيًا أَن يُنَزِّلَ ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنۡ عِبَادِهِۦۖ فَبَآءُو بِغَضَبٍ عَلَىٰ غَضَبٖۚ وَلِلۡكَٰفِرِينَ عَذَابٞ مُّهِينٞ} (90)

{ بِئْسَمَا اشتروا بِهِ أَنفُسَهُمْ } . قال الكلبي : بئسما باعوا به أنفسهم من الهدايا بكتمان صفة محمد صلى الله عليه وسلم . ويقال : بئسما صنعوا بأنفسهم حيث كفروا بما أنزل الله عليهم ، بعد ما كانوا خرجوا من الشام على أن ينصروا محمداً صلى الله عليه وسلم . ويقال : بئس ما صنعوا بأنفسهم حسداً منهم ، فذلك قوله تعالى : { أَن يَكْفُرُواْ بِمَا أنزَلَ الله بَغْيًا } ، أي حسداً منهم .

ومعنى قوله : { أَن يُنَزّلُ الله } ، أي كفروا مما ينزل الله . { مِن فَضْلِهِ على مَن يَشَاء } ، أي لم يؤمنوا لأجل أن الله تعالى ينزل من فضله النبوة والكتاب { على من يشاء مِنْ عِبَادِهِ } ، من كان أهلاً لذلك وهو محمد صلى الله عليه وسلم . قرأ ابن كثير وأبو عمرو { أَن يُنَزّلُ الله } بالتخفيف ، وقرأ حمزة والكسائي وعصام وابن عامر بالتشديد { أَن يُنَزّل } ؛ ونزل ينزل بمعنى واحد { فَبَاءو بِغَضَبٍ على غَضَبٍ } أي استوجبوا اللعنة على أثر اللعنة . قال مقاتل : الغضب الأول حين كفروا بعيسى صلى الله عليه وسلم ، ثم استوجبوا الغضب الآخر حين كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم . ويقال : الغضب الأول حين عبدوا العجل ، والغضب الثاني حين استحلوا السمك في يوم السبت .

قوله تعالى : { وللكافرين عَذَابٌ مُّهِينٌ } أي يهانون فيه .